للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قالوا: وإنما لم يُقتل إذا أسلم -مع أن المسلمَ الأصليَّ يُقتل بسبِّه - صلى الله عليه وسلم -، ولا تُقبل توبته- من أجل حقِّ الآدمي، لأنَّا نعلمُ باطنَه في بُغضِه وتنقيصِه بقلبِه، لكنَّا منعناه من إظهارِه، فلم يَزِدْنا ما أظهَرَه إلا مخالفتَه للأمر، وتقضًا للعهد، فإذا رَجَع إلى الإسلام سَقَط ما قبلَه، بخلافِ المسلم، فإنا ظننَّا باطنَه بخلافِ ما بدا منه الآن (١).

° وعند الشافعية: إن اشتُرِطَ عليهم انتقاضُ العهد بمِثل ذلك، انتُقض عهدُ السابِّ، وُيخيَّرُ الإمامُ فيه بين القتل وألاسترقاق والمَنِّ والفداء -إن لم يَسألِ الذِّميُّ تجديدَ العقد- (٢).

* ولا فَرقَ بين نبيٍّ وغيرهِ من سائرِ الأنبياء -وكذا الرسلُ-، إذ النبيُّ أعمُّ من الرسول على المشهور (٣).

والأنبياءُ الذين تَخُصُّهم هذه الأحكامُ هم المتَّفَقُ على نبوَّتِهم، أمَّا مَن لم تَثبُتْ نبوَّتُهم، فليس حُكمُ مَن سَبَّهم كذلك، ولكن يُزجَرُ مَن تَنَقَّصهم أو آذاهم، ويؤدَّبُ بقدْرِ حالِ القول فيهم، لا سيَّما مَن عُرفت صِدِّيقيَّته وفَضلُه منهم -كمريم-، وإن لم تَثبُتْ نبوَّتُه، ولا عِبرةَ باختلافِ غيرِنا في نبوَّةِ نبيٍّ من الاَّنبياء، كتَفيِ اليهودِ نبوةَ داود وسليمان.

* التعريضُ بسبِّ الأنبياء:

التعريضُ بسبِّ النبي - صلى الله عليه وسلم - كالتصريح .. ذَكَر ذلك فقهاءُ الحنفية


(١) "الزرقاني على خليل" (٣/ ١٤٧)، الخرشي (٤/ ١٤٩).
(٢) "الجمل على "المنهج" (٥/ ٢٢٧)، "شرح روض الطالب" (٤/ ٢٢٣).
(٣) "تبصرة الحكام، " (ص ١٩٢ - ٩٣ ١)، و"تبصرة ابن فرحون" (٢/ ٣٨٨)، "إعانة الطالبين" (٤/ ١٣٦)،" الهندية" (٣/ ٢٦٣)، "الزرقاني على خليل" (٣/ ١٤٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>