للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يعتقدون أوَّلَ أمرِهم أنَّ خُذلانَ المسلمين سيتمّ بمعجزةٍ قريبة، فطالَما سَمِعوا عن معجزاتِ الكنيسة، وانتظروا هذه المعجزةَ التي تخلّص البلادَ المسيحيةَ من غَزواتِ المسلمين، ولكنَّ انتظارَهم هذه المعجزةَ قد طال، وذهب أدراجَ الرياح، وأعجب مِن ذلك أنَّ معجزةً أعظمَ قد حَدَثت، وكانت معجزةً أعظمَ مما كان يتوهَّمُه القدِّيسُون أنفسُهم، وأيّ معجزةٍ أعظمُ وأروعُ من أن نَرى شعبًا كان إلى زمن قليل في غايةٍ من الخمول، ثم ظَهَر إلى الدنيا فجأةً، وظَلَّ يتقدَّمُ بسرعةٍ لا مَثيلَ لها؟! ".

* المؤرخ سيديو الفرنسي:

مستشرقٌ ومؤرِّخٌ كبير، وأحد أعضاء "جمعية العلماءِ الفرنسية"، وُلِد عام ١٨١٧ م، وتُوفِّي عام ١٨٩٣، وله كتاب "خلاصة تاريخ العرب".

° رَدَّ المؤرِّخُ "سيديو" على اتهام النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - بالقسوةِ أو الجُبنِ مما جاء في كتاباتِ خصوم الإسلام فقال: "مِن التجنِّي على حقائقِ التاريخ ما كان مِن عَزْوِ بعض الكُتَّابِ إلى محمدٍ القسوةَ والجبْنَ، فقد نَسِيَ هؤلاء أنَّ محمدًا لَم يَأْلُ جَهدًا في إلغاءِ عادةِ الثأرِ الموروثةِ الكريهةِ التي كانت خُطوةً لدى العرب، كخُطوةِ المبارزاتِ بأوروبا فيما مضى، وكأن أولئك الكُتَابَ لَم يَقرؤوا آياتِ القرآن التي قَضى محمدٌ فيها على عادةِ الوَأْدِ الفظيعة، وكأنهم لم يُفكروا في العَفُوِ الكريم الذي أنعَمَ به على ألدِّ أعدائه بعدَ فتح مكة، ولا في الرحمةِ التي حَبَا بها كثيرًا من القبائل عند ممارسةِ قواعدِ الحرب الشاقة، ولا إلى ما أبداهُ من أسفٍ على بعضِ الأحكام المبتسَرة، وكأنهم لم يَعلَموا أنَّ محمدًا لم يُسِئِ استعمالَ ما اتُّفق له من السلطان العظيم، قضاءً لشهوةِ

<<  <  ج: ص:  >  >>