أحزاب، بل على العكس من ذلك، كانت الحكومةُ الإسلاميةُ تُمثِّلُ جميعَ المسلمين تمثيلاً صحيحًا، وهي عبارةٌ عن هيئةٍ منظَّمةٍ مشترَكة، تنطقُ بحقًّ، بلسانِ كافةِ المسلمين، كلُّ مسلمٍ يَشُدُّ أَزْرَ أخيه المسلم، ويَشعرُ بأنَّ منَ الحق والواجبِ عليه أن يتوجَّعَ لوجعه، وكان عَدلُ محمدٍ منتشرًا بين المسلمين".
° إلى أن قال: "فقد كان محمدٌ زعيمًا وقائدًا سياسيًّا بما في أسمى معاني الزعامةِ السياسيةِ من معنًى وسيادة، هذه كانت تتجلَّى في أروع المظاهرِ التي عَرَفها بنو الإنسان، وخَليقٌ بي -وأنا في صَدرِ الكلام من الزعامة السياسية- أن أدحَضَ فِريةً وأرُدَّ بهتانًا، لا يزالانِ عالِقَينِ في أذهانِ قاصِري العقول، الذين لا يَملِكون ذرَّةً من حصافةِ الرأي، وتلك الفريةُ وذلك البهتانُ هما ما يُردِّدُه أولئك الأغبياءُ، الذين يَزعُمون أنْ لا علاقةَ بين الدين والسياسة، وأنْ لارابطةَ تربِطُ أحدَهما بالآخر!! إنَّ من الخطأ أن يَظنَّ ظانٌّ هذا".
* جورج دي تولدز الأمريكي:
° وُلد في "شيكاغو" ١٨١٥، وتوفي ١٨٩٧، كان رئيسَ بنكِها التجاري، وله مؤلَّفات عديدة استعرض فيها عاداتِ العرب، ومنها كتاب "الحياة"، قال فيه: "إنَّ من الظُّلمِ الفادحِ أن نَغمِطَ حقَّ محمدٍ -والعربُ على ما علِمناهم من التوُّحش قبلَ بعثتهِ-، ثم كيف تبدَّلتِ الحالةُ بعدَ إعلانِ نبوَّته، وما أوْرتُه الديانةُ الإسلاميةَ من النور في قلوبِ الملايين من الذين اعتنقوها بكلِّ شوقٍ وإعجابٍ من الفضائل، لذا فإن الشكَّ في بَعثةِ محمدٍ إنما هو شكٌّ في القُدرة الإلهية التي تشتملُ الكائناتِ جَمعاءَ".