الحملاتُ الصليبيةُ بمثابةِ أولِ رد فعل جماعيٍّ تقومُ به أوروبا الجديدة".
* بين محمد والمسيح عليهما السلام:
تَمَحْوَرَ الفِكرُ الغربي حولَ شخصيةِ المسيح عليه السلام، وتحوَّلت شخصيةُ المسيح بعد تحريفِ الدينِ المسيحيِّ إلى تجسيدٍ للفِكرِ الغربي حولَ مركزيةِ الفردِ في الكون، فقد تحوَّل الإلُه في نظرِ المتدينين إلى شخص .. إله في صورةِ فرد .. دَفَعَ دَمَه ثمنًا مُقدَّمًا لجميع خطاياهم القادمة، وعندما سَيطر الفكرُ النَّفْعيُّ على الشخصيةِ الغربية، أصبح التعلُّقُ بشخصِ المسيح يُمثل قمةَ النَّفعيةِ لِمن اختاروا التدين، فهو قد قام بدفع فاتورةِ خطاياهم حتى قَبْلَ أن يَقعوا فيها، وأبقى لهم الحياةَ لكي يُمارِسوا فيها ما شاؤوا من أفعالٍ طالَما أن محبةَ المسيح -كفردٍ وكإِلهٍ - تُسيطرُ على مشاعِرِهم، أما مَن تركوا الدينَ المسيحي بأكملِه، وأصبحوا لا دينيِّين أو مُلحدين، فقد كان المسيحُ -بعد تحريفِ الدين- أيضاً مركزيًّا في مواقِفهم الفكرية .. فهو فردٌ، وبالتالي لا يمكنُ أن يَختلفَ من غيرِه من البشر، وبالتالي فليس هناك إله -بزعمهم-، كما أن المسيحَ بصورتِه التي قامت الكنيسةُ الغربيةُ بتصويرِها رحيمٌ منعزلٌ عن حياة الناس .. يَقبلُ بكل معاييرِ الحياة الإنسانية، ولا يدعو إلاَّ إلى الحريةِ والمساواة .. وهي أهمُّ قِيَم العلمانيةِ، ولا تُصادِمُ مَن تَركوا الدين، وبالتالي فلا حاجةَ إلى مصادمةِ المسيح.
أما العلاقةُ مع محمدٍ، فهي علاقةٌ تصادميةٌ مع كلٍّ مِن التيارِ الدينيِّ والعلمانيِّ في الغَرب على المستوى الفكري، فمحمدٌ - صلى الله عليه وسلم - حَرِصَ على أن يكون فردًا .. إنسانًا بكلِّ معاني الإنسانية، ورَفَض أن يكونَ إلهًا في صورةِ