إنسان، وبالتالي فهو يناقضُ فَهْمَ المتدينين من الغربِ للإله الذي عَرفوه، وبالتالي تكوَّنت الكراهيةُ والضيقُ مِن كلِّ ما يُمثله محمد - صلى الله عليه وسلم - .. فهو ليس على شاكلةِ المسيح .. في نظرهم، هو يناقضُ أيضًا مشاعرَ ورَغَباتِ غيرِ المتدينين؛ لأنه يَطلُبُ من البشر -كما أَمَره خالقُه- بالكثير من العباداتِ والأعمالِ والالتزامات، ويُقدِّمُ حريةَ المجتمع على حريةِ الفرد، ويُضحِّي بالمساواةِ من أجل العدالة ومنِ أجل صلاح المجتمع، كل ذلك ساهَمَ في تكوينِ صورةٍ سلبيةٍ وقاسيةٍ عن نبي الإسلام.
كما عُقدت المقارنةُ بين التوسُّع الإسلاميِّ، ودخولِ المسلمينِ في معاركَ من أجل نَشرِ الدين، أو الدفاع عن المسلمين، مع الروح غيرِ القتاليةِ التي تُصوِّرُها المسيحيةُ الرومانية المُحرفةُ عن حياةِ المسيح عليه السلام، فكما يَذكُرُ أحدُ الباحثين، فإنَّ "تصنيفَ الإسلام كدينِ حربٍ يَستندُ أساسًا إلى صورةِ المِثالِ المسيحي، لقد ابتَعد المسيحُ في تبشيره عن وسائل النجاح السياسية، حتى إنَّ مجْدَه يقومُ على خسارته، إن الكنيسةَ لم تُقِم إمبراطوريةً، لقد مَسَحت الإمبراطوريةَ القائمةَ وتَسلَّلت إليها كما الدودةُ إلى الثمرة، دون شكٍّ، إن التراثَ المديني اليهوديَّ، بعدَ "الأسر"، جَعل من التطلُّع إلى المسيح مُنقذًا هو بمثابةِ تعويضٍ عن الخسارةِ في العالم"(١).
أما الإسلامُ، فلم يَتَبَنَّ هذه الروحَ التي تَميلُ إلى الخسارة في الدنيا من أجل تحقيقِ المجدِ في الآخرة، وهنا أيضًا استُخدمت هذه المقارنةُ غيرُ الصحيحة للطعنِ في الإسلام، ووُصف نبي الإسلام أنه جاء بالسيف
(١) "أوربا والإسلام صدام الثقافة والحضارة" لهشام جعيط (ص ٤٥) دار الطليعة بيروت.