للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وإني، وإنْ كُنتُ ابنَ أدم صورةً … فلي فيه معنى شاهدٌ بأُبوَّتي

* دِينُ ابنِ الفارض:

° يقول ابن الفارض:

وَجُلْ في فنونِ الاتحاد، ولا تَحِدْ … إلى فئةٍ في غيرِه العمرَ أَفْنَتِ

فواحدُه الجمُّ الغفيرُ ومَن عَدا … هـ شِرذمةٌ في غيرِه العمرَ أفنتِ

فمُتْ بمعناه، وعشْ فيه، أو فمُتْ … معناه، واتَّبِعْ أُمةً فيه أُمَّتِ

فأنت بهذا المَجدِ أَجدَرُ مِن أخي اجـ … ـتهادِ، مُجِدٍّ عن رجاءٍ وخِيفةِ

فألغِ الكُنى عنِّي (١) ولا تُلغِ الكُنى … بها، فهي من آثارِ صيغةِ صنعتي

وأيَّ بلادِ الله حَلَّت بها، فما … أراها، وفي عيني حَلَّتْ غيرَ مكةِ

وأيَّ مكانٍ ضمَها حَرَمٌ كذا … أَرى كل دارٍ أوطنت دارَ هِجرةِ

وما سكنتُه، فهو بيتُ مَقدسٍ … بُقرَّةِ عيني، فيه أحشايَ قَرَّتِ

ومَسجدِي الأقصى مَساحِبُ بُردها … وطيبي ثَرَى أرضٍ عليها تمشَّتِ

وشُكري لي، والبِرُّ منِّي واصلٌ … إليَّ، ونفسي باتحادي استبدَّتِ


= وإنما كان ثَمَّ حقيقةٌ واحدةٌ هي الذات الإلهية تجلَت في صور خَلْقية، أما الاتحاد، فيستلزمُ أنه كان قبلُ وجودان، ثم اتحد أحدُهما بالآخر، وهذا ما يُنكرُه ابنُ الفارض وَينفيه نفيًا باتًّا .. قد يقال: وما لابن الفارض إذن يُعبرُ عن مُعتقَده بالاتحاد؟ أقول: مما يُفصِّلُ به ابنُ الفارض في "التائية الكبري" نجزمُ بأنه يستعملُ الاتحادَ بمعنى الوحدة، والعبرةُ بمعانيه، لا بألفاظه.
(١) هذا كفر يُنابذُ الشرع، ولهذا يُلحُّ ابنُ الفارض في البيت الذي قبلَ هذا في تحذيرِ أتباعه مِنَ المَيلِ إلى الأئمة المُجِدين المجتهدين الذين يَعبدون اللهَ وحده، وتمتلئُ قلوبُهم بالخَوفِ والرجاء من الله وحده.

<<  <  ج: ص:  >  >>