يَعملُ رئيسًا للمحكمة الشرعية في المنصورة- كتابه "الإسلام وأصول الحكم"، الذي فرغ منه في مَطَلَعِ إبريل عام ١٩٢٥ م، وطبع في العام نفسِه أكثرَ من مرَّة، وكان الكتاب قنبلةً بكلِّ معنَى الكلمة، وعلى مستوياتٍ متعدِّدة، نَسَفَ الكتابُ فكرةَ "الخلافة الإِسلامية" التي كان يَحلُمُ بها المَلكُ فؤاد وأعوانُه، ونَسَفَ الكتابُ كثيرًا من الرَّواسبِ العالقةِ في أذهانِ القراء عن الدولة الدينية، ونسَفَ الكتابُ السَّطوةَ التي يَزعُمُها بعض رجالِ الدين عندما يتحدَّثون عن الحكم، وكان الكتابُ بمثابةِ تأكيدٍ من أزهريٍّ مستنيرٍ لدعائمِ الدولةِ المدنيَّة، وفي الوقتِ نفسِه كان ثورةً هائلةً على المفاهيمِ السائدةِ عند أقرانه من المشايخ، وكان من الطبيعي أن يُحارَبَ الكتابُ، وأن يعاقَبَ صاحبُه، واتَّفَقَ القصرُ مع لجنة كبار العلماء على العقاب، صَدَر قرارٌ بسَحبِ "العالِمِية" من الرجل، وتَبع هذا القرارَ فَصْلُه من عَمَله بالقضاء، وقامت الدنيا ولم تَقعد، وتولَّت الدفاعَ عن الكتاب كلُّ قوى الاستنارةِ في مصر، وكلُّ الفصائل السياسية المؤمنةِ بالديمقراطية، وكلُّ دعاةِ الدولةِ المدنية والمجتمعِ المدني".
° إلى أن يقول: "وبَقِيَ الكتابُ نفسُه وثيقةً رائعةً من وثائِقِ التنوير".
عامَلَك اللهُ بما تستحقُّ يا جابر عصفور!!.
* علي بن عبد الرازق تلميذ "مرجليوث وأرنولد" الوَفيُّ:
° نال عليُّ بنُ عبد الرازق عالِمِية الأزهر سنة ١٩١١، وقضى بـ "الأزهر" عامًا واحدًا يُدرِّسُ مادةَ "البلاغة"، وقد ألَّف فيها كتابًا عن عِلمِ البيان سمَّاه "الأمالي"، ثم سافر إلى "إنجلترا" سنة ١٩١٢ ليدرس السياسةَ أو الاقتصاد، فعاد عند نُشوبِ الحربِ العالَمية سنة ١٩١٤ م ليعَّين بعدَ وقتٍ