إن مقالَ طه حسين "بين العلم والدين" الذي نشره في مجلة "الحديث" عام ١٩٢٧ هو بمثابة تقريرٍ كَتَبه الدكتور إلى أساتذته عُتاة التغريب، ليكشفَ لهم عن الخَطَرِ الذي يُواجِهُه تحتَ مادَّةِ "دِينِ الدولة الرسمي الإِسلام"، وفيه يكشفُ مفهومَه للإِسلام بأنه لا يَزيدُ عن أن يكونَ صلاةً وصِيامًا واحتفالاً بالمولد النبويِّ والأعيادِ الرسميِّةِ وإطلاقِ المدافعِ في رمضان وقيامِ المحمل إلخ .. (!!).
أمَّا بالنسبةِ للنُّظُم الاجتماعية والاقتصادية والسياسية، فإنه يدعو مصرَ إلى اعتناقِ النظرية الغربية، يرى أنه لا سبيل غير ذلك.
° يقول طه حسين في عِدائه للحكومة الإِسلامية والتشريعِ الإِسلامي:"لقد اعتَزَمْنا أمامَ أوروبا أن نذهبَ مذهبَها في الحُكم، ونسير سِيرتَها في الإدارة، ونَسلُكَ طريقَها في التشريع، والتَزَمْنا هذا كلَّه أمامَ أوربا، وهل كان إمضاءُ معاهدةِ الاستقلال ومعاهدةِ إلغاء الامتيازات إلاَّ التزامًا صريحًا قاطعًا أمام العالَم المتحضِّر بأننا سنسيرُ سِيرةَ الغربيِّين في الحُكم والإِدارة والتشريع؟! فلو هَمَمْنا الآن أن نعودَ أدراجَنا وأن تُحيَا النُّظُمُ العتيقة، لَمَا وَجَدْنا إلى ذلك سبيلاً".
° ويقول في "الفتنة الكبرى": "ليس من شكٍّ أن عَلِيًّا قد أخفَقَ في بَسْطِ خلافته على أقطارِ الأرض الإِسلامية، ثم هو لم يُخْفِقْ وحدَه، وإنما أخْفَقَ معه نظامُ الخلافةِ كلُّه"(١).