رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وبلغنا مثلُ ذلك في وقائعَ متعددة، وهذا بابٌ واسعٌ لا يُحاط به، ولم نَقصِدْ قَصْدَه هنا، وإنما قَصَدْنا بيانَ الحُكمِ الشرعيَّ.
• وكان سبحانه يَحْميه ويَصْرفُ عنه أذى الناسِ وشَتْمَهم بكلِّ طريق، حتى في اللفظ؛ ففي "الصحيحين" عن أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "أَلا تَرَوْنَ كيْفَ يَصْرِفُ اللهُ عنِّي شَتْمَ قُرَيْشٍ وَلَعْنَهُمْ؟ يَشْتُمُونَ مُذَمَّمًا وَيَلعَنُونَ مُذَمَّمًا، وَأَنَا مَحَمَّدٌ"(١).
فنزَّه الله اسمَه ونَعْتَه عن الأذى، وصَرَف ذلك إلى مَن هو مذمَّم، وإن كان المؤذي إنما قصد عينه.
[الحديث الثاني عشر]
• روى النسائي عن أبي بَرزةَ قال: أُتي رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - بمالٍ فقَسَمه، فأعطى مَنْ عن يمينه ومَنْ عن شماله، ولم يُعطِ مَنْ وَراءه شيئًا، فقام رجلٌ من ورائهِ فقال: يا محمدُ، ما عَدَلْتَ في القسمة -رجلٌ أسود مطمومُ الشعر، عليه ثوبانِ أبيضان-، فغضب رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - غضبًا شديدًا، وقال:
(١) رواه البخاري: في كتاب "المناقب"- باب ما جاء في أسماء رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (٦/ ٦٤١ ح ٣٥٣٣) وفيه لفظ: "ألا تعجبون"، ورواه الإِمام أحمد: في "المسند" (٢/ ٢٤٤، ٣٤٠، ٣٦٩) باللفظين، والنسائي: في كتاب الطلاق- باب الإبانة والإفصاح بالكلمة الملفوظ بها (٦/ ١٥٩) بلفظ:"انظروا"، والبيهقي: في "السنن الكبرى" (٨/ ٢٥٢). وهذا الحديث لم أجده في "صحيح مسلم"، ويؤيد ذلك ما نص عليه الحافظ ابن حجر في "الفتح" (٦/ ٧٣٥) في خاتمة المناقب النبوية من كتاب المناقب، حيث ذكر بأن مسلمًا وافق البخاري على تخريج أحاديث المناقب النبوية سوى ثمانية وعشرين حديثًا، وذكر منها هذا الحديث. وصَرَّح بذلك أيضا العلامة أحمد محمد شاكر في شرحه "للمسند" ١٣/ ٥٠ ح ٧٣٢٧) فقال: "ولم يخرجه مسلم".