للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الزمن تحوَّل دينه من دين يدعو للسلام ويمقت الحربَ إلى دينٍ للسيف، وإنْ كان "أولزنر" أيضًا -كما كان "فولتير" من قبلِه- لا يَرى إطلاقًا أن النجاحاتِ التي حقَّقها الإسلام يعودُ الفضل فيها إلى السيف وحده (١).

* هامر بورجشتال (Hammer-Purgstall) :

أمَّا المستشرق النسماوي الشهير "يوسف فون هامر بورجشتال" الذي أصدر أولَ مجلةٍ استشراقيةٍ متخصِّصةٍ في أوربا عام ١٨٠٩ وهي مجلة "ينابيع الشرق"والذي كان لمولَّفاته تأثيرٌ قوي على "جوته"-، فقد تناول محمدًا أيضًا في المَقام الأول في كتابه "صورة لحياة الحُكَّام المسلمين العظام".

ويُلَخِّصُ "هامر برجشتال" حُكمَه على محمدٍ في نهاية كتابِه على النحو التالي: "على الرغم من ضلالِ شَهوانيته، وعلى الرغم من الجرائم التي سَولَتْها لنفسه حِدةُ الطبع، وبصفةٍ خاصةٍ الثأرُ لشَرَفِه المهانِ عن طريق السخرية والاستهزاء، وعلى الرغم مِن وجهةِ النظرِ المتناقضةِ التي عَبَّر عنها مؤرِّخون مشهورون ومستشرقون، والتي تتمثَّلُ في أنَّ محمدًا لم يكن إلاَّ مجردَ كذَّابٍ ودجَّالٍ من منطَلَقِ حُبِّه للسيطرة -على الرغم من كل ذلك، فإننا يجب أن نثبُتَ على رأينا، وهو أن محمدًا لم يَنطلِقْ فقط من الفكرةِ العظيمة التي تتمثَّلُ في هدايةِ شَعبِه من ضلالِ الوثنية إلى الطريق المستقيم بعبادةِ الله وحدَه، بل كان يتمتَّع أيضًا بمواهب شِعريةٍ ومشاعرَ دينيةٍ حيَّةٍ، وكان مقتنعًا ببَعثتِه في ساعاتِ حماسه، ورأى -كما رأى غيرُه من الأنبياء الذين سَبقوه- أنه أداةُ السماءِ لهدايةِ شَعبه، وأنه مؤسِّسُ واحدٍ من الأديان


(١) المصدر السابق (ص ١٥٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>