لا يستطيغ أيُّ مُنصِفٍ أن يحجُبَ الحقيقةَ والنور .. ومَن يحاولُ حَجْبَ النورِ فهو كمن يحاولُ بكفِّ طفلٍ صغيرٍ أن يُخفِيَ شُعاعَ الشمسِ أو ضوءَ القمرِ أو إدراجَ الشمسِ في قبر أو كهفٍ من كهوفِ الزمن .. ولقد مَدَح وأثنى على رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم - كثيرٌ من مُفكري الغرب، وعَدَلتُ في عنوان هذا الفصل عن تسميته "المنصِفون للنبي - صلى الله عليه وسلم - في الغرب" .. فإن قولَ بعضِ أهل الفكرِ فيه بأنه كان "عبقريًّا"، عظيمًا، ما شَهِدت مِثلَه البشرية، أو مُصلِحًا عظيمًا ما جاء مِثْلُه مَدَى الأيام في بلادِ العرب" .. هذا ليس إنصافًا، بل حَطًّا من مرتبته، فهو رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - إلى الناس كافةً، وهو خاتَمُ النبيين .. وأيُّ إنكارٍ لهذه المرتبةِ والمنزلةِ ليس إنصافًا، فتمامُ الإنصاف الاعترافُ بنبوتِه الخاتمةِ والدخولُ في دينه.
• قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "والذي نفسُ محمد بيده، لا يَسمعُ بي أحدٌ من هذه الأمة، لا يهوديٌّ ولا نصرانيٌّ، ثم يموتُ ولم يُؤمنْ بالذي أُرسلتُ به، إلا كان من أصحابِ النار" (١).
وأي ثناءٍ على الإسلام والقرآنِ أذكرُه هنا، فهو ثناءٌ على رسولِ الله عين، فلا يمكنُ الفَصلُ بين الرسولِ - صلى الله عليه وسلم -، وبين الدينِ العظيم الذي جاء به، وبين الكتابِ المُبين والذكْرِ الحكيم الذي أُنزل عليه.
ولكنْ قبلَ الشروع في بيانِ أقوال هؤلاء؛ لابد من ذِكرِ أصلٍ وقاعدةٍ