لا تَجِدُ له ذِكرًا قط .. {نَسُوا اللَّهَ فَأَنْسَاهُمْ أَنْفُسَهُمْ}".
* القرآنُ من هَمْهَمةِ الرسول!!:
لم يَذكُرِ "القرآنَ" إلاَّ نادرًا، بل إنك تقرأُ الصفحاتِ الكثيرةَ التي تَبلغُ مئتَينِ أو أكثر، فلا تَجِدُ ذِكْرًا لكلمةِ "القرآن الكريم"، بل لكلمةِ "القرآن" فقط، وأذكرُ آيةً ذَكَر أنها هَمْهَمَةُ نَفْسِ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -، ولْنضرِب لذلك مثلاً ..
لقد ذَكَر أن النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - أَذِنَ لبعضِ الناس بالعَودةِ من حيثُ خَرَجوا، وكان ذلك في بعضِ الغزوات، ثم يقول: "فأَذِنَ لمن يريدُ أن يعودَ إلى بيتِه أن يعودَ فهذا خيرٌ من أن يَبقى في الصفوف لِيُشيعَ الانهزامَ، وَيثْبُتَ في الصفوفِ من يَجِدُ في نفسِه القُدرةَ على مواجهةِ الخَطَرِ والرَّغبةَ الصادقةَ في الاستشهاد دفاعًا عما يؤمنُ به، وهَمْهَمَ لنفسِه وهو يتقدَّمُ الصفوف:"عفا اللهُ عنك لِمَا أَذِنْتَ لهم"، ولكنه عاد فرأى الخيرَ في تخليص صفوفِه من العناصر الحائرة، ثم أخذ يتلو عليهم:{وَإِذْ قَالَتْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ يَا أَهْلَ يَثْرِبَ لَا مُقَامَ لَكُمْ فَارْجِعُوا وَيَسْتَأْذِنُ فَرِيقٌ مِنْهُمُ النَّبِيَّ يَقُولُونَ إِنَّ بُيُوتَنَا عَوْرَةٌ وَمَا هِيَ بِعَوْرَةٍ إِنْ يُرِيدُونَ إِلَّا فِرَارًا}[الأحزاب: ١٣]، {قُلْ لَنْ يَنْفَعَكُمُ الْفِرَارُ إِنْ فَرَرْتُمْ مِنَ الْمَوْتِ أَوِ الْقَتْلِ وَإِذًا لَا تُمَتَّعُونَ إِلَّا قَلِيلًا}[الأحزاب: ١٦]" (ص ٢٨٨).
فهو يذكر الهمهمةَ، ثم يَقرِنُها بآيةٍ على أنها من هَمْهَمَتِه، ثم يتلو آيةً أخرى غيرَ ناسِبِها لله -ولا لأحدٍ-، فهي -بمقتضى منطِقِه- من هَمْهَمتِه أيضًا، ثم يُشيرُ إلى نوع من التشكيك؛ لأنَّ الآيتَينِ يبدو بينهما تعارضٌ، مع أنَّ الآيتَينِ مختلفتانِ من حيثُ موضعِ قولهما، فآية {عَفَا اللَّهُ عَنْكَ لِمَ أَذِنْتَ لَهُمْ} كانت في غزوة "تبوك"، وقوله: {وَإِذْ قَالَتْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ يَا أَهْلَ