ورُوحِه، وبَقِيَ الأمنُ له شاملاً، والقُفْلُ من مصرَ في طريقِ بلدِه متواصلاً، وهو يَمكُسُ الجائي والذاهب، حتى لاحتْ له فرصةٌ في الغَدْر، فقَطَع الطريق، وأخاف السبيل، ووَقَع في قافلةٍ ثقيلة، معها نَعَمٌ جليلة، فأخذها بأسْرِها، وكان معها جَماعةٌ من الأجناد، فأوقعهم في الشَّرَك، وحَمَلَهم إلى الكَرَك، وأخَذَ خَيْلَهم والعُدَّة، وسامَهم الشدَّ والشدَّة، فأرسلنا إليه، وذَمَمْنا فِعَالَه، وقَبَّحْنا احتيالَه واغتيالَه، فأبَى إلاَّ الإصرارَ والإضرار، فنَذَر السلطانُ دَمَه، ووفَّى في إراقةِ دمه بما التزمه، وذلك في السنَة الآتية".
* ها أنا أنتصرُ لمحمد - صلى الله عليه وسلم -:
° ففي سنةِ ثلاثٍ وثمانين وخَمْسِمئة (٥٨٣) وهي السنةُ الحَسَنَةُ المُحْسنة كانت كَسْرَة "حِطِّين"، وفيها أسَرَ صلاحُ الدين جميعَ ملوكِ الفِرنجة سوى "قومس" طرابلس، فإنه انهزم في أول المعركة.
° قال أبو شامة في "عيون الروضتين": "جلس السلطانُ لِعَرضِ أكابرِ الأسارى وهم يتهادَون في القيود تَهادِي السُّكارى، فقُدم بدايةً مقدَّم "الدَّاوية"، وعِدَّةٌ كثيرةٌ منهم، ومن الإسبتاريةِ، وأُحضِر المَلِكُ "كي" وأخوه "جفري"، و"أوك" صاحب جُبيل، و"هنفري"، والإبرنس "أرناط" صاحب الكَرَك، وهو أوَّل مَن وقعِ في الشَّرَك، وكان السلطانُ قد نَذَر دَمَه، وقال:"لأعجِّلَنَّ عند وِجْدانه عَدَمه".
فلمَّا حضر بين يديْه، أجلسه إلى جَنب المَلِكِ والمَلِكُ بجنْبه، وقرَّعه على عذرِه، وذَكَّره بذَنبه، وقال له: كم تَحْلْفُ وتَحْنَث، وتعهَدُ وتنكُث، وتُبرِمُ الميثاقَ وتَنقُض، وتُقْبِلُ على الوِفاقِ ثم تُعْرِض؟!.
فقال الترجمان عنه: إنه يقول: قدْ جَرَت بذلك عادةُ الملوك، وما