للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الانفعالية في التاريخ، قد أَبرَزَ مفهومَ الإسلام السياسي كتهديدٍ متواتر، ومفهومَ الدين السياسي كبِنيةٍ تاريخيةٍ في أصول الإسلام، يقول "جولدزيهر": "إن الإسلامَ قد جَعل الدينَ دنيويًّا، لقد أراد أن يَبنيَ حُكمًا لهذا العالَم بوسائل هذا العالم" (١).

إننا أمامَ منافسةِ شرسةٍ بدأت منذ أكثَرَ من ألفِ عام، وساحَتَها كانت في مُعظَم الأحيان هي كلُّ أنحاءِ المعمورة، ومع ظُهور العولمة، وتزايُدِ حركات الهجرة، ونَقصِ العَمالةِ اليدوية المدرَّبة في أوروبا، وتناقُصِ عددِ السكان في كثير من دولِ شمال وغرب أوروبا، فقد تسبَّب كل ذلك في عَودةِ الوجودِ الإسلاميِّ للظهور بقوةٍ داخل أوروبا، وفي كلِّ عواصمها وحواضِرِها بشكلٍ أصبَحَ يستفزُّ كلَّ مَن يسعى إلى الانتصارِ للكنيسة، أو للغربِ على حساب الإسلام.

لقد رأت الكنيسةُ الأوروبيةُ تاريخيًّا -وحتى الآن على أغلب الظن- أن هناكَ خُطورةً من انتشارِ الإسلامِ في كلِّ أنحاءِ المعمورة، وأن هذه الخُطورةَ تُمثِّلُ كارثةً على المسيحية، لذلك فإن المواقفَ الفكريةَ المسيحيةَ تَنحى دائمًا إلى الهجوم على الإسلام وعلى نبيِّ الإسلامِ - صلى الله عليه وسلم -.

* إِهدارُ قيمةِ كل مقدَّس عند العلمانيِّين الغربيين:

تطوَّرَ مشوعُ العلمانيةِ من "فَصِل الدين عن الدولة" إلى "إقصاء الدين عن الحياة" .. إلى "الهجوم على الدين للقضاء على ثبات القِيم"، واستَتْبَعَ


(١) "أوروبا والإسلام .. صدام الثقافة والحداثة" هشام جعيط، دار الطليعة، بيروت الطبعة الثانية ٢٠٠١ م (ص ٨٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>