للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لم يَقتصِرِ الامرُ على رجالِ الدينِ فقط، بل إن المستشرقين أيضًا شَعُروا بالخوفِ من تنامِي الإسلام، لذلك "يفتقدُ المرءُ الموضوعيةَ في كتاباتِ مُعظم المستشرقين عن الدين الإسلامي، في حين أنهم عندما يكتبون عن دياناتٍ وَضْعيةٍ مثل البوذية والهندوكية وغيرهما، يكونون موضوعيين في عَرضِهم لهذه الأديان، فالإسلامُ فقط من بين كلِّ الديانات التي ظَهرت في الشرق والغرب هو الذي يُهَاجَم، والمسلمون فقط مِن بين الشرقيين جميعًا هم الذين يُوصَمون بشتَّى الأوصافِ الدنيئة، ويتساءلُ المرء: لماذا؟.

° ولعل تفسير ذلك يعودُ إلى أن الإسلامَ كان يُمثِّلُ بالنسبة لأوروبا صدمةً مستمرةً، فقد كان الخوفُ من الإسلام هو القاعدة، وحتى نهايةِ القرنِ السابعَ عَشَرَ كان "الخطر العثماني" رابضًا عند حدود أوروبا، ويُمثلُ -في اعتقادهم- تهديدًا مستمرًا بالنسبةِ للمَدَنِيَّةِ النصرانية كلها.، ومن هنا يُمكنُ فَهمُ ما يَزعمُه المستشرق "موير" من أن "سيفَ محمد والقرآن هما أكثرُ الأعداءِ الذين عَرَفهم العالَمُ حتى الآن عنادًا ضدَّ الحضارةِ والحريةِ الحقيقية"، وما يدَّعيه "فون جرونيباوم" من أن الإسلامَ ظاهرةٌ فريدةٌ لا مثيلَ لها في أي دينٍ آخَرَ، أو حضارةٍ أخرى، فهو دينٌ غيرُ إنسانيٍّ، وغيرُ قادرٍ على التطوُّرِ والمعرفةِ الموضوعية، وهو دين غيرُ خَلاَّقٍ وغيرُ علمي" (١).

° إن الخوفَ من قوةِ الإسلامِ المُحرِّكة الذي يأخذُ في اللحظاتِ الحماسية شَكْلَ الدفاعِ والصراع والمشاجرة، وهو أحدُ أكثرِ الأشكال


(١) "الاستشراق والخلفية الفكرية للصراع الحضاري"، د. محمد حمدي زقزوق، كتاب "الأمة"- قطر، نقلاً عن الموقع الإلكتروني للشبكة الإسلامية: www.islamweb.net.

<<  <  ج: ص:  >  >>