"فرانسو فوكويامَا" مِنْ أساطين الفكر الاستراتيجيِّ الأمريكيِّ المشيرون على صانع القرار، والذين تُوضع نظريَّاتُهم في الممارسةِ والتطبيق، وقد كانت لديه الصراحةُ ليعلنَ أن الحربَ التي يَشهَدُها العالَمُ ليست حربًا على "جماعاتِ العنف العشوائي" الإسلامية .. ولا على ما يُسمَّى "بالإرهاب"، وإنما هي "حربٌ داخلَ الإسلام"، لتغييرِ طبيعتِه وخصوصيتِه، و"حتى يَقبَلَ الحَدَاثةَ - بمعناها الغربي"، أي القطيعةَ مع خصوصيته وماضيه، "فيُصبحُ عِلمانيًّا يَقبلُ المبدأَ المسيحي: دَعْ ما لقيصرَ لقيصر، وما لله لله"، فيقفُ عند ما له في ملكوتِ السماء والدارِ الآخرة، وخَلاصِ الروح، وَيتركُ دنيا العالَم الإسلامي وثرواتِه للهيمنةِ الأمريكية والغربية .. !.
* وبعبارات "فوكوياما": "فإنَّ الحَداثةَ، التي تُمثِّلُها أمريكا- وغيرُها من الديموقراطيات المتطوِّرة-، ستبقى القوةَ المسيطرةَ في السياسةِ الدولية، والمؤسسات التي تجسِّدُ مبادئَ الغربِ الأساسيةَ ستستمرُّ في الانتشار عَبرَ العالم .. وهذه القيمُ والمؤسساتُ تلقى قبولاً لدى الكثيرِ من شعوب العالم غيرِ الغربية -إن لم نَقُلْ جميعَها-، لكنَّ السؤالَ الذي نحتاجُ إلى طرحه هو: "هل هناك ثقافاتٌ أو مناطقُ في العالم ستقاوِم، أو تُثبِتُ أنها منيعة على عمليةِ التحديث -بهذا المعنى الأمريكي والغربي-؟!.
ثم يُجيب "فوكوياما" عن هذا التساؤل الذي طرحه، فيقول: "إنَّ الإسلام هو الحضارةُ الرئيسيةُ الوحيدةُ في العالَم التي يمكنُ الجدال بأن لديها بعضَ المشاكل الأساسيةِ مع الحداثة .. فالعالمُ الإسلام يختلفُ عن غيرِه من الحضاراتِ في وجهٍ واحدٍ مهم، فهو وَحده قد وَلَّد تكرارًا خلالَ الأعوامِ