وفي هذا السياقِ يَبرُزُ الإسلامُ كمصدرِ إزعاجٍ رئيس؛ لأنَّه قوةٌ محرِّكةٌ ومؤثِّرةٌ، وتدفعُ بمُعتنقيهِ إلى رَفضِ الهيمنةِ ومقاومةِ مشروعاتِ الاستعمارِ الفكريِّ والاقتصاديِّ بنفس حِدِّةِ وصَلابةِ ومقاومةِ الاستعمارِ المسلَّح، وهنا يَكمُنُ تفسيرُ اتحادِ التياراتِ الليبرالية العلمانيةِ الغربيةِ مع التياراتِ الدينيةِ المتطرِّفةِ في بعضِ الكنائسِ الأوروبية، من أجل تقليصِ تأثيرِ الإِسلامِ على العالم المعاصر، إنه تحالُفٌ لم يَحدُثْ في التاريخ مِن قبلُ بهذه الدرجة من الشموليةِ والتعقيدِ والانتشارِ الجغرافي أيضًا.
وهذا الاتحادُ الفكريُّ بَدأ منذ القديمِ عن طريقِ المفكرين المسيحيين، يذكرُ أحدُ المفكِّرين الروسُ عن ذلك:"إننا لَواجِدون عند كبارِ المفكرين السيحيين -بدءً من أوغسطين وانتهاءً بتوما الأكويني- فكرةً عامةً ملازمةً تقول: إن تطورَ الإنسانية يجبُ أن يُفضيَ حتمًا إلى ملكوتِ المسيح، وهو تطوُّرٌ يجبُ أن يَستوعبَ في داخله العالَمَ كلَّه، وفي الوقتِ ذاته، "فإن مَلِكنا على حقٍّ، أما غيرُ المسيحيين، فهم ليسوا على حقِّ" (أغنية رولان"(١).
* فُقدان الغَربِ للحبِّ والعاطفةِ، فقلوبُ أهلِه أقسى من الحجارة:
إنَّ الأمةَ الإسلاميةَ تَعلَّمت من دينِها أنَّ أوثَقَ وأعلى درجاتِ الإيمانِ أنْ تُحبَّ في الله، وأن تُبغِضَ أيضًا في الله، وأسمى درجاتِ المحبةِ في الله أن