الباطل، وكلُّ ذلك إبتلاءٌ من الله ومِحنةٌ، فأين هذا مِن قولهم؟! وليس في القرآن إلَّا غايةُ البيانِ بصيانةِ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - في الإِسرارِ والإِعلان، عن الشكِّ والكفران، وقد أودَعْنا إليكم توصيةً أن تجعَلوا القرآنَ إمامَكم، وحروفَه أمامَكم، فلا تحمِلوا عليها ما ليس فيها، ولا تَربِطوا بها ما ليس منها، وما هُدِي لهذا إلَّا الطبريُّ بَجلالةِ قَدْرِه، وصَفاءِ فِكرِه، وسَعَةِ باعِه في العلم، وشِدَّةِ ساعِدِه وذراعِه في النظر، وكأنه أشار إلى هذا الغرض، وصَوَّب على هذا المرمَى، فَقرْطَسَ بعد ما ذَكَرَ في ذلك رواياتٍ كثيرةً باطلةً لا أصلَ لها، ولو شاء ربُّك لَمَا رواها أحدٌ، ولا سَطَّرها، ولكنه فَعَّالٌ لِمَا يُريد .. عَصَمنا اللهُ وإياكم بالتوفيقِ والتسديد، وجَعَلنا من أهلِ التوحيد بفَضله ورحمته".
* كلام القاضي عِياض في ذلك:
° وقال القاضي عِيَاضْ: "فاعلمْ -أكرمك الله-: أنَّ لنا في الكلام على مُشكِلِ الحديثِ مأخذَينِ:
أحدهما: في توهِين أصله.
والثاني: على تسليمه.
أما المأخذ الأول: فيكفيك أن هذا الحديثَ لم يُخرِجْه أحدٌ من أهل الصِّحة، ولا رواه ثقةٌ بسَنَدٍ متَّصِل سليم، وإنما أُولعَ به وبمثلِه المفسِّرون والمؤرِّخون المولَعون بكلِّ غريب، المتلقِّفون من الصُّحُف كلَّ صحيحٍ وسقيم، وصَدَق القاضي بكرُ بنُ العلاء المالكي حيث قال: لقد بُلي الناسُ ببعضِ أهل الأهواء والتفسير، وتعلَّق بذلك الملحدون مع ضَعف نَقْلِه، واضطرابِ رواياتِه، وانقطاعِ إسنادِه، واختلافِ كلماته، فقائل يقول: "إنه