للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

* وقوله: {وَمَا مَنَعَهُمْ أَن تُقْبَلَ مِنْهُمْ نَفَقَاتُهُمْ إِلاَّ أَنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللهِ وَبِرَسولِهِ} [التوبة: ٥٤].

وهذا ظاهرٌ، ولا تَحْبطُ الأعمالُ بغير الكفر؛ لأن مَنْ مات على الإيمان، فإنَّه لاُبدَّ أن يدخلَ الجنةَ ويخرجَ من النار إنْ دَخَلَها، ولو حَبِطَ عملُه كلُّه لم يدخلِ الجنةَ قط، ولأن الأعمالَ إنما لُحْبِطها ما ينافيها، ولا يُنافي الأعمالَ مطلقًا إلا الكفرُ، وهذا معروف من أصول أهل السنة.

* نعم قد يَبطُلُ بعضُ الأعمال بوجودِ ما يفسده، كما قال تعالى: {لا تُبْطِلُوا صَدَقَاتِكُم بِالْمَنِّ وَالأَذَى} [البقرة: ٢٦٤]، ولهذا لم يُحبِطِ اللهُ الأعمالَ في كتابه إلاَّ بالكفر.

فإذا ثَبَتَ أن رَفْعَ الصوتِ فوقَ صوتِ النبيِّ والجَهْرَ له بالقول يُخافُ منه أن يكفرَ صاحبُه وهو لا يشعر ويَحْبَطَ عَمَلُه بذلك، وأنه مَظِنَّةٌ لذلك وسببٌ فيه؛ فمِن المعلوم أن ذلك لِمَا ينبغي له - صلى الله عليه وسلم - من التعزيرِ والتوقيرِ والتشريفِ والتعظيمِ والإكْرامِ والإجْلال.

* الدليل السابع: قولُه سبحانه: {لَا تَجْعَلُوا دُعَاءَ الرَّسُولِ بَيْنَكُمْ كَدُعَاءِ بَعْضِكُمْ بَعْضًا قَدْ يَعْلَمُ اللَّهُ الَّذِينَ يَتَسَلَّلُونَ مِنْكُمْ لِوَاذًا فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ} [النور: ٦٣].

أَمَرَ مَن خالف أمرَه أن يحذَرَ الفتنةَ، والفتنة: الردَّةُ والكفر (١).


(١) للإمام أحمد كتاب بعنوان "طاعة الرسول - صلى الله عليه وسلم -، ولعل هذه الرواية تكون منه. وقد ذُكر هذا الكتاب في "المسودة" (ص ١٤)، "طبقات المفسرين" للداودي (١/ ٧١). وقد جاء في "مسائل الإمام أحمد" برواية عبد الله "باب طاعة الرسول - صلى الله عليه وسلم -" (٣/ ١٣٥٥): "حدثنا أبو عبد الرحمن عبد الله بن أحمد بن محمد بن حنبل قال: سمعت أبي يقول: ذكر الله =

<<  <  ج: ص:  >  >>