للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وبصرفِ النظرِ عمَّا إذا كان "دين الرحمانان" هذا لم يَثبُتْ إطلاقًا أنه كان دينًا خاصًّا، فإنه يبدو أن "جريمه" هنا أيضًا لم يُقدِّرْ قيمةَ التأثيراتِ اليهوديةِ والمسيحيةِ إلا في أقلِّ القليل، والأمرُ كلُّه لا يعدُو أن يكونَ فَرْضيَّةً طريفة! (١).

° قال الدكتور محمود حمدي زقزوق: "إنها فرضية باطلةٌ تَستهينُ بعقولِ الناس، فإذا كان "دينُ الرحمانان" هذا المزعومُ لم يَثبُتْ إطلاقًا كما يقول "بفانموللر" نفسه: "إنه كان دينًا خاصًّا له كيانٌ متميِّز"، فكيف يمكنُ أن يَنتُجَ عنه هذا الدينُ العالمي المتمثِّلُ في الإسلام؟! " (٢).

* سنوك هورجرونيه (Hurgronje) :

يَذهبُ "سنوك" في مقالِهِ المُسَهب في "مجلة تاريخ الأديان" إلى أن "أفكارَ محمدٍ - صلى الله عليه وسلم - الرئيسيةَ هي -مع بعضِ التغييراتِ في الشكل- تلك الأفكارُ التي تشتركُ فيها كلٌّ من اليهوديةِ والمسيحية، وفي التفاصيل يُبدِي وَحْيُه تارةً الصِّبغةَ اليهودية، وتارةً أخرى الطابعَ المسيحي، وتارةً ثالثة يُبدي أمورًا متنوعةً لخيالٍ حرٍّ نسبيًّا مبنيٍّ على أساسٍ يهوديٍّ مسيحيٍّ.

ولكن محمدًا لم تكن لديه إلاَّ معلوماتٌ ناقصةٌ وقاصرةٌ عن اليهودية والمسيحية، فلم يكن يَعرفُ مثلاً الكتابَ المقدَّس، أو عِلمَ العقيدة الأرثوذكسية، بل كان يعرفُ فقط الأدبَ والتراثَ المشكوكَ في صحَّته


(١) "الإسلام في تصورات الغرب" (ص ١٨٢ - ١٨٣).
(٢) المصدر السابق هامش "٩٦ " (ص ١٨٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>