ثالثًا: مفهوم النبوَّةِ والوحي متحقِّقٌ في الإِمام، ولم يُنفَ عنه إلاَّ اسمُها:
° وهذا ثابت -وبكل صراحةٍ - في الرواية الثابتة في "نهج البلاغة"، وهذا نصُّها:"ولقد كنتُ أَتبعهُ اتِّباعَ الفصيل أثَرَ أُمِّه، يَرفع لي في كلِّ يومٍ من أخلاقِه علمًا، ويأمرني بالاقتداء به، ولقد كان يجاورُ في كلِّ سَنةٍ بحِراء، فأراه ولا يراه غيري، ولم يَجمع بيتٌ واحدٌ يومئذٍ في الإسلام غيرَ رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم - وخديجةَ وأنا ثالثهما، أرىَ نورَ الوحي والرسالة، وأشُمُّ ريحَ النبوة، ولقد سمعتُ رَنَّةَ الشيطان حين نزل الوحيُ عليه - صلى الله عليه وسلم -، فقلت: يا رسول الله، ما هذه الرَّنة؟ فقال: هذا الشيطانُ أيِس من عبادته، إنك تسمعُ ما أسمع، وترى ما أرى، إلاَّ أنك لستَ بنبيٍّ، ولكنك وزيرٌ، وإنك لعلى خير"(١)، ويمكن إثبات ذلك من وجهين:
الأول: وهو المتعلِّق بقوله: "إنك تسمعُ ما أسمع، وترى ما أرى"، فهي تُثبت بأن الإِمام يسمعُ ويرى الوحيَ كالنبي - صلى الله عليه وسلم - حَذْوَ القُذَّةِ بالقُذّة دون أدنى فرقٍ بينهما، وهذا يبطلُ زَعْمَك بأن الوحيَ هو الفارقُ بين النبيِّ والإِمام؛ لأنه متحقَقٌ في الإِمام بنصَ الرواية" وإليك اعترافَ علمائِك عند شرحهم لهذه العبارة:
١ - يقول ابن مِيثم البحراني: "وروي عن الصادق - عليه السلام - أنه قال: كان عليٌّ - عليه السلام - يَرى مع النبي - صلى الله عليه وسلم - قبلَ الرسالة الضوءَ، ويسمعُ الصوت".
وقال في نفس الصفحة: "ويؤيدُ ذلك قولُه - صلى الله عليه وسلم - حين سأله عن ذلك: