وزاد ابنُ الفارض إيغالاً في كفره، فقال: "بل ذاتي لذاتي"، لِيُجرد الذاتَ الإلهية من وجودِها الخاص، وليؤكدَ أنْ ليس لها من وجودٍ إلاَّ هذا الوجودُ المقيدُ المتعين في هذا أو ذاك من أفرادِ الخَلْق، ولإثباتِ الوحدة التامة بين الحقِّ والخلق -لا في الباطنِ فحسب- بل في الظاهر، ثم لغرضٍ آخر، وهو أن الذاتَ الإلهية، نالت كمالَها بتعينها في صورةِ ابن الفارض. هذا هو دين مَن لا يزال كِبارُ الشيوخ -بَلْهَ الزنادقة الصوفية- يُلقبونه: "سلطان العاشقين". (٢) هذا توكيدٌ لمَا يَدينُ به من الوحدة، ولذا يُلح في نَفْيِ المعية، نَفْيِ أن يكونَ ثَمَّ في الكون "غيرٌ" أو "سِوى" إذ ما ثَمَّ إلاَّ حقيقةٌ واحدة، هي هُوِيةُ الحقَ، تكثرت بمظاهرِها الخَلْقية والألمعية: الذكاة والفطنة.