للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وما ذاك إلاَّ أنْ بَدَتْ بمظاهرٍ … فظنُّوا سواها، وهْي فيها تجلَّتِ

بَدَتْ باحتجابٍ، واختفت بمظاهرٍ … على صِبَغ التلوينِ في كل بَرْزَةِ (١)

ففي النشأةِ الأولى تراءت لآدمٍ … بمظهرِ حَوَّا قبل حُكم الأمومةِ

فهام بها كيما يصيرُ بها أبًا … ويظهَرُ بالزَّوجَينِ حُكمُ البُنُوَّةِ

وما بَرحَت تبدو وتَخفَى لِعِلَّةٍ … على حَسَبِ الأوقاتِ في كلِّ حِقبةِ

وتَظهرُ للعشَّاقِ في كلِّ مَظهرٍ … من اللَّبْسِ في أشكالِ حُسنٍ بديعةِ

ففي مرةٍ لُبنَى، وأخرى بثينةٌ … وآونةً تُدْعى بِعَزَّةَ عزَّتِ

وَلَسْنَ سواها لا ولا كُنَّ غيرَها … وما إنْ لها في حُسنِها مِن شريكةِ (٢)

كذلك بحكم الاتِّحاد بحُسنِها … كما لي بَدَتْ في غيرها، وتَزَيَّتِ

بدوْتُ لها في كلِّ صَبٍّ متيمٍ … بأيِّ بديعٍ، حسنُه وبأيَّتِ (٣)

وليسوا بغيري في الهوى لِتَقَدُّمٍ … عَلَيَّ لِسَبْقٍ في الليالي القديمةِ

وما القومُ غيري في هواها وإنما … ظهرتُ لهم لِلَّبْسِ في كلِّ هيئةِ

ففي مرةٍ قيسًا، وأخرى كُثيِّرًا … وآونةً أبدو جميلَ بُثينةِ

تَجلَّيتُ فيهم ظاهرًا وأحتجبتُ با … طِنًا بهمُ فاعجَبْ لِكَشْفٍ بِسُتْرَةِ

أسامٍ بها كنت المسمَّى حقيقةً … وكنتُ ليَ البادي بِنَفسٍ تَخَفَّتِ


(١) البَرْزَة: المرة من البروز، أو المرأة العفيفة تَبرُزُ للرجال، وتتحدَثُ معهم.
(٢) يفتري سلطانُ الزنادقة أن الذاتَ الإلهيةَ تتجلَّى في صورِ النساء الجميلات، ويَفتري أنها تجلَّت في صورِ "ليلى وبُثينة وعزَّة"، وقَدْ رَمَزَ بِهِنَّ عن كلِّ امرأةٍ جميلةٍ عاشقةٍ معشوقة، ثم يفتري أيضًا بأن العاشقَ ليس غيرَ العشيقة، بل هو هي!.
(٣) يفتري سلطانُ الزنادقة أن الذاتَ الإلهيةَ تتجلَّى في صورِ النساء الجميلات، ويَفتري أنها تجلَّت في صورِ "ليلى وبُثينة وعزَّة"، وقَدْ رَمَزَ بِهِنَّ عن كلِّ امرأةٍ جميلةٍ عاشقةٍ معشوقة، ثم يفتري أيضًا بأن العاشقَ ليس غيرَ العشيقة، بل هو هي!.

<<  <  ج: ص:  >  >>