إنَّ مِن العَجيب في الكنائس الأوروبية والأمريكية أن تَجِدَ هذا الهَوَسَ والوَلَعَ التاريخيَّ والمتجدِّدَ بالهجوم على نبيِّ الإسلام إلى درجةِ أن تَجِدَ في العديدِ من الكنائسِ الأوروبيةِ المعروفةِ رسوماتٍ ولوحاتٍ على أَسقفِ هذه الكنائس، وتماثيلَ في أَفْنيِتَها تَهزأُ من رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم -، أو تصوِّره وكأنه يُعذَّبُ في نار جهنم، أو ما شابَهَ ذلك!! وفي بحثٍ إعلاميٍّ حولَ هذا الموضوع، وَجَدنا العديدَ من تلك النماذج المُقزِّزةِ والملفتةِ للنظر أيضًا.
إن التساؤلَ الذي يَطرحُ نفسه هنا هو: لماذا يهتمُّ دينٌ ما بالهجومِ الشرسِ على نبيِّ دينٍ آخَرَ إلى درجةِ أن يُصوِّرَه وهو يُعذَّبُ في جهنم -كما يدَّعون- في لوحاتٍ فنيةٍ تُزيَّنُ بها أسقُفُ الكنائس والأديرة؟! إن هذه الظاهرةَ تَنفردُ بها المسيحيةُ الأوروبيةُ والأمريكيةُ عن غيرِها من ديانات العالم -كما نظن-، فلم يُعرفْ في الإسلام مثلاً أدنى اهتمامٍ أو وَلَعٍ بالهجوم على رموزِ أيةِ أديانٍ أخرى إلى الدرجةِ التي تَجعلُنا نهتمُّ بتصويرِ ذلك من خلال الفنون، وأن نحتفيَ به في المساجدِ أو أماكنِ العبادة، ولا يَنتشر ذلك أيضًا في الديانات الشرقيةِ بالعموم، وحتى بين الدياناتِ غيرِ السماويةِ التي يَعتنقُها الكثيرون في آسيا وشِبْهِ القارة الهندية.
لا شك أن هناك عَداءً متوارَثًا بين الكثير من الأديان، وهناك تنافُسٌ أيضًا على التأثير الفكريِّ والدينيِّ والثقافيِّ العالمي، ولكن أوروبا تُمثِّل ظاهرةً فريدةً وجديرةً بالفهم والتأمل في علاقتِها بالإسلام، وبشكل أكثَرَ تحديدًا نبي الإسلام صلوات الله وسلامه عليه.