بالمِغْول، أو يكون كيفيةُ القتل غيرَ محفوظة في إحدى الروايتين.
ويؤيدُ ذلك أن وقوع قِصَّتين مثلِ هذه لأعْمَيَيْنِ كلُّ منهما كانت المرأة تُحسِنُ إليه وتُكَرِّر الشتم، وكلاهما قَتَلها وحده، وكلاهما نَشَدَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - فيها الناسَ، بعيدٌ في العادة، وعلى هذا التقدير فالمقتولَةُ يهودية كما جاء مُفَسَّرًا في تلك الرواية، وهذا قولُ القاضي أبي يَعْلَى وغيره، استدلُّوا بهذا الحديث على قتل الذمِّي ونَقْضِه العهدَ، وجعلوا الحديثين حكايةَ واقعةٍ واحدةٍ.
ويمكن أن تكون هذه القصَّةُ غيرَ تلك.
الحديث الثالث: ما احتَج به الشافعي على أن الذميَّ إذا سبَّ قُتِل وبَرِئت منه الذمة، وهو قصَّةُ كعبِ بن الأشْرَفِ اليهوديِّ.
° قال الخَطَّابيُّ: قال الشافعيُّ: "يُقتل الذميُّ إذا سَبَّ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم -، وتبرأُ منه الذمَّة"، واحتَج في ذلك بخبرِ كعبِ بنِ الأشرَفِ، وقد مَرَّ حديثُه.
والاستدلالُ بقتل كعب بن الأشرف من وجهين:
أحدهما: أنه كان مُعاهَدًا مُهَادَنًا، وهذا لا خلافَ فيه بين أهل العلم بالمغازي والسير، وهو عندهم من العلمِ العامِّ الذي يُستغنى فيه عن نقل الخاصة.
ثم إن النبي - صلى الله عليه وسلم -، جَعَل كعبَ بنَ الأشرف ناقضًا للعهد بهجائِه وأذاه بِلِسانه خاصة، والدليل على أنه إنما نَقَض العهدَ بذلك أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال "مَن لِكعبِ بن الأشرف، فإنه قد آذَى اللهَ ورسولَه".
وقوله - صلى الله عليه وسلم -:"لو قَرَّ كما قَرَّ غيرُه مِمَّنْ هو على مثْلِ رأيه ما اغتِيل، ولَكِنَّه نال مِنَّا الأذى وهَجَانا بالشِّعْر، ولَم يَفْعَلْ هذا أحدٌ مِنكم إلاَّ كَان