للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يقولُ أحدُهم، وهو المفكر "ليفي ستراوس": "إن وجودَ الإسلام قد لَعِب دوؤًا مزعجًا، لقد قَطَّع إلى نصفين عالَمًا كان يستعدُّ للاتحاد، وتدخَّل بين الهللينيةِ والشرق، بين المسيحية والبوذية، لقد قام الإسلامُ بعمليةِ أسلمةٍ للغرب، ومَنَع المسيحيةَ من أن تتعمق، وأن تُكوِّن ذاتها أكثَرَ فأكثر بعمليةِ تلاقُحٍ مع البوذية، لقد أصبح الغربُ مسلمًا، أي قويًّا ومحاربًا ورجوليًّا وعالِمًا ومنظَّمًا، وفقد حَظَّه في (البقاء امرأة) ".

يبقى الإسلامُ في نظرِ الغالبيةِ العظمى من مفكِّري الغربِ دينًا يُعيقُ تقدُّمَ الغربِ مهما بَلغت نجاحاته، ليس مهمًا أن يكونَ الإسلامُ أفضلَ أو أسوأَ من الدينِ المسيحيِّ الذي تَرَكه معظمُ الشعبِ الأوروبي عمليًّا ولكنه لا يزالُ يُحرِّكُ معتقداتِه الفكريةَ في التعامل مع الآخرين بقوة، المهمُّ أن الدينَ الإسلاميَّ وسُنةَ نبيِّ الإسلام - صلى الله عليه وسلم - يُمثلان عائِقًا حقيقيًّا أمامَ تطُورِ المسيحيةِ بالنسبةِ للمتدينين والغربِ عمومًا بالنسبة إلى غير المتدينين، الإسلامُ -في نظرهم- هو حَجَرُ عَثْرَةٍ يَعترضُ مسيرةَ الحضارةِ الغربيةِ برُمَّتها.

* العنصرية الغربية والاستعلاءُ الكاذبُ للجنسِ الأبيض:

تُغَلَّفُ العنصريةُ الغربيةُ تاريخيًّا بالكثير من الأغلفة الفكرية الخادعة، وقد اتَّخذ الفكرُ الغربيُّ موقفًا معاديًّا من رسولِ الله؛ لأنه يُمثِّلُ رَمْزَ المساواةِ الحقيقية بين البشر، وقَدَّم النموذَجَ العمليَّ للتعايُشِ بين البشرِ دونَ أفضليةٍ لجنسٍ على جنسٍ إلاَّ بالقرُبِ والبُعدِ من الإِيمان والقُربِ من الله، أما الفوارقُ العِرْقيةُ فقد تَقلَّصت إلى حدٍّ بعيدٍ في النموذج الحضاريِّ الإسلاميِّ الذي استَمدَّ تعاليمَه -كما يَعرفُ الغربُ- من رسالةِ الإِسلام وسُنَّةِ النبيِّ

<<  <  ج: ص:  >  >>