المسيحية، وَيشرحُ هذه الفكرةَ المفكِّرُ الغربي "مونتغمري واط" قائلاً: إن "الإسلامَ من وِجهةِ نظرِ المسيحية الغربية يَتَّسمُ بخَلفيةٍ إشكاليةٍ لاهوتيةٍ عميقة، لقد ظَهر في أوائل القرنِ السابع للميلاد في مُحيطٍ تميَّز بتأثُّرِه الروحيِّ بالتقاليد اليهودية -المسيحية، مؤكِّدًا من ناحية- وعَبْرَ التوحيدية الإبراهيمية -صِلَتَه المبدئيةَ بتلك التقاليدِ الشرقية اليهودية- المسيحية، ولكنه وَضَع نفسَه من ناحيةٍ أخرى في خندقٍ مضادٍّ متعارِضٍ تمامًا مع التقاليدِ الدينية المذكورة.
فمن خلال تعميمٍ مُطلَقٍ غيرِ محدودٍ للتوحيد، ألغى الإسلامُ في حقيقةِ الأمر أيَّ إمكانٍ لتجسيدِ الطبيعةِ الإلهيةِ مع نفيٍ تامٍّ لفكرةِ "الثالوث المسيحية".
وبذلك التوجُّهِ العقائدي حَطَم الإسلامُ النظامَ البنيويَّ - اللاهوتي الذي كان مُهيمنًا في التصورات المسيحية- لا سيَّما في العصر الوسيط -حولَ التكوينِ الإلهيِّ للتاريخ، وحولَ التقديس، وتجسيدِ الإله ذاته، هكذا كان ظهورُ الإسلام بالنسبة للديانتين اليهودية والمسيحية نوعًا من التحدي المديني - التاريخي" (١).
كما يرى بعضُ المفكِّرين الغربيين أن محمدًا ورسالتَه قد تسبَّبا في منع انتشارِ الِمسيحية في الشرقِ الأقصى أو تفاعُلِها مع البوذية، وهي فكرةٌ يعتنقُها بعضُ المفكِّرين المتاثِّرين بالفِكرِ "النِّسَوي" الذي يَرى العالَمَ كان أقربَ إلى رُوح الأنثى، إلى أن جاءَ الإسلام فجعله عالمًا ذكوريًّا ولذلك
(١) "تأثير الإسلام على أوربا في القرون الوسطى" (ص ٨ - ١٠) لمونتغمري واط.