° قال البِقاعي:"لما كان هذا المذكرو قد أغرَقَ في الشر، فتوقَّع السامعُ جزاءَه، قال مُعلِمًا أنه يجعلُ له من الخِزْيَ والفضائح، ما يَصيرُ به شُهرةً بين الخلائق في الدنيا والآخرة:{سَنَسِمُهُ}، أي: نجعل ما يَلحق به من العار في الدارين، كالوَسْم الذي لا يَنمحي أثرُه؛ تقول العرب: "وَسَمَه مَيْسَمَ سُوء"، ولما كان الوَسْمُ مُنكِئًا، وكان جَعْلُه في مُوجعٍ لا يُستر أنكأَ، وكان الوجُه أشرفَ ما في الإنسان، وكان أظهرَ ما فيه، وأكرمَهُ الأنف، ولذلك جعلوه مكانَ العزَّ والحميَّة، واشتقُّوا منه الأنَفَة.
{عَلَى الْخرْطومِ}، أي: الأنف الطويل جميعِه، وما قاربه من الحَنَكين، وَسْمًا مستعليًا عليه بوضوحٍ جدًّا؛ ليكونَ هَتْكه بين الناس، وفضيحةً لقومه، وذلاًّ وعارًا، وكذا كان لَعَمْري له بهذا الذِّكر الشنيع، والذنبِ القبيح من الكفر، وما معه، وسيكونُ له يومَ الجمع الأعظم ما هو أشنعُ من هذا، على أنه حَقَّق في الدنيا هذا الخَطْمَ حِسًّا، بأنه ضُرب يومَ بدر ضربةً خَطمت أنفه" (١).
وهكذا جَمَع اللهُ له ذُلَّ الدنيا ومهانتَها وذُلَّ الآخرة .. ولَعذابُ الآخرةِ أشدُّ وأبقى.
* الأسودُ بن المطلب بن أسد أبو زَمْعة، والأسودُ بن عبد يغوث، والحارثُ ابن الطُّلاطِلَة -لعنهم الله-: