وهذا هو معنى الوحي الذي ينزلُ على الأنبياء، ولكنهم لم يُثبتوا هذا للإِمام فحسب، بل جعلوا مَنْعَ اللهِ تعالى لهذا الوحي -وهو إخبارُ الإِمامِ بأخبار السماء والأرض صباحًا ومساءً عن طريق الملَك- عن الإِمام منافٍ لرحمته ولطفه بعباده، وبالتالي يكون القولُ بانقطاع الوحي بعد النبي - صلى الله عليه وسلم - ينافي رحمةَ الله تعالى بعباده ولُطفَه بهم .. فمِن رواياتهم التي أثبتوا فيها نفس المعنى الذي نقول به ما يلي:
أ- ذكر الكِلِّيني في "الكافي"(١/ ٢٦١) الحديث (٣): "عن جماعة ابن سعد الخثعمي أنه قال: كان المفضَّلُ عند أبي عبد الله - عليه السلام - فقال له المفضَّل: جُعلت فداك، يَفرضُ اللهُ طاعةَ عبدٍ على العباد ويَحجُبُ عنه خبرَ السماء؟ قال: لا، اللهُ أكرمُ وأرحمُ وأرأفُ بعباده من أن يفرضَ طاعةَ عبدٍ على العباد، ثم يَحجُبُ عنه خَبَرَ السماء صباحًا ومساءً".
ب - ذكر أيضًا (ص ٢٦٢) الحديث (٦): "عن أبي حمزة قال: سمعتُ أبا جعفر يقول: لا واللهِ لا يكونُ عالم (العالم الذي افترض الله طاعته) جاهلاً أبدًا، عالمًا بشيء جاهلاً بشيء، ثم قال: اللهُ أجلُّ وأعزُّ وأكرمُ أن يَفرضَ طاعةَ عبدٍ يَحجبُ عنه عِلمَ سمائه وأرضه، ثم قال: لا يَحجبُ ذلك عنه".
وهذا هو بعينه الذي أثبته "الرازي"، إذ أثبت أن الاتصالَ بالسماء عن طريق الملائكة حاصل للأئمة، وهذا بلا شك هو مفهوم الوحي.
سادسًا: إنَّ "روحَ القدس" الذي به تَحمَّل النبوة، ينتقل من النبي إِلى الإِمام:
وقد أثبتوا هذه الروحَ -أي: روح القدس- في رواياتهم والتي ميَّزوها