دينيةٌ وسياسيةٌ واجتماعية، والقرآنُ -وإنْ نزل من عند الله- لكنه في بعضِ المقاماتِ لم تكنْ بعضُ آياتِه مرتبطةً ببعض (١)، وعِلَّةُ ذلك أن آياتِه نَزلت على التوالي المقتضِي الحاجاتِ في ذلك الزمن، وكان جبريلُ المَلَكُ يَنزلُ به على محمدٍ من عندِ الله فتُحفظ، ولم تُجمع إلاَّ بعد وفاةِ محمدٍ، وكانت سُورُه (١١٤) سورة، ويَعتقدُ المسلمون أن القرآنَ حتى الآنَ لم يَنزلْ كتابٌ من السماء مِثلُه، والحقُّ أن في القرآن مِن المعاني الشِّعريةِ والنثريةِ وحُسنِ البيانِ ما لم يُوجَدْ في غيره، أما عقائدُه ونظرياتُه وما يَرجعُ إلى عالَم الكائناتِ، فهو موجودٌ تقريبًا في دين اليهود والنصارى، والقرآنُ مما لا شكَّ أنه نَزل على محمد"اهـ.
* إِدوار مونتيه الفرنسي:
وُلد في "ليون" ١٨٥٦، وتوفي ١٩٢٧، أستاذُ اللغاتِ الشرقيةِ في جامعةِ "جِينف"، مستشرقٌ فرنسي.
° قال في كتابه "حاضر الإسلام ومستقبله": "أما محمدٌ، فكان كريمَ الأخلاقِ، حَسَنَ العِشرة، عَذْبَ الحديث، صحيحَ الحُكم، صادقَ اللفظِ، وقد كانت الصِّفةُ الغالبةُ عليه هي صِحَّةُ الحُكم، وصراحةُ اللفظ، والاقتناعُ التامُّ بما يَقبَلُه ويقولُه، إن طبيعةَ محمدٍ الدينيةَ تُدهِشُ كلَّ باحثٍ مدقِّقٍ نزيهِ القصد، بما يتجلَّى فيها من شِدَّةِ الإخلاص، فقد كان محمدّ مُصلِحًا دينيًّا، ذا عقيدةٍ راسخةٍ، ولم يَنهضْ إلاَّ بعد أن تأمَّلَ كثيرًا، وبَلَغ سنَّ الكمالِ
(١) كلاَّ .. بل آيات القرآن جميعًا بينها روابطُ عميقةٌ يفهمُها أهلُ الغوص على المعاني.