للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

* الأسودُ العَنْسِيُّ كذابُ اليمن -لعنه الله-:

الأسودُ العَنسيُّ، واسمه "عَبْهَلة بنُ كعب"، وهو من بني عَنْس، وعَنسٌ بطنٌ من مِذْحَج، وكان يقال له: "ذو الخِمار" لأنه كان يُخَمِّر وجهَه أبدًا، وكان معه شيطانانِ يُقال لأحدهما "سُحَيق" والآخر "شُقيق"، وكانا يُخبرانه بكلِّ شيءٍ يحدثُ من أمور الناس (١).

وكان النبي - صلى الله عليه وسلم - قد جَمَع لباذانَ -حين أسلم وأسلم أهلُ اليمن- عَمَلَ اليمنِ جميعَه، وأمَّرَه على جميعِ مَخاليفه، فلم يزل عاملاً عليه حتى مات، فلما مات جَعل على اليمن شهر بنَ باذان.

وكان الأسودُ العنسيُّ لما عاد رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - من حَجَّةِ الوداع وتمرَّض من السفر غيرَ مرضِ موته، بَلَغه ذلك فادَّعى النبوة، وكان مُشعبِذًا يُريهم الأعاجيب، فاتبعته مَذحج، وكانت رِدَّةُ الأسود أولَ رِدةٍ في الإسلام على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وغزا نَجرانَ، فأخرج عنها عمرَو بن حزم، وخالدَ بن سعيد، ووثب قيسُ بنُ عبدِ يغوثَ بنِ مشكوح على فَروةَ بنِ مُسيك وهو على "مراد"، فأجلاه ونزل منزله، وسار الأسودُ عن نجرانَ إلى صنعاء، وخرج إليه شهرُ بنُ باذان (٢)، فلقيَه، فقُتِل شَهرٌ لخمس وعشرين ليلةً من


(١) "المعرفة والتاريخ" للفسوي (١/ ٢٦٢، ٢٦٣).
(٢) نفل الحافظُ ابنُ حجر في "فتح الباري" (٨/ ٩٣) ما رواه يعقوبُ بنُ سفيان في "المعرفة والتاريخ" (١/ ٢٦٢، ٢٦٣)، والبيهقي في "دلائل النبوة" (٥/ ٣٣٥، ٣٣٦) أنَّ باذانَ كان عاملَ النبي بصنعاءَ فمات، فجاء شيطانُ الأسود فأخبره، فخَرج في قومه حتى مَلَك صنعاء وتزوَّج المَرْزُبانة زوجةَ باذان، فذكر القصةَ في مواعدتها داذَوَيه وفيروزَ وغيرهما حتى دخلوا على الأسود ليلاً، وقد سَقَته المرزبانةُ الخمرَ صِرفًا حتى سكِر، وكان على بابه ألفُ حارس، فنَقَب فيروزُ وَمَن معه الجدارَ حتى دخلوا فقتله فيروزُ، واحتزَّ رأسَه، =

<<  <  ج: ص:  >  >>