يُخالفُهم أو يُبدي مَساوءَهم، والذي يَتحقَّقُ للمُتَتبِّعِ لأحداثِ تلك الحِقبةِ التاريخيةِ هو وجودُ الصِّلَةِ بين "الحركة الجكرالوية" والدولة المستعمِرة آنَذَاك، ولو صِلَةً خَفِيَّةً، ولعلَّ الزمنَ يَكشِفُ لنا عنها -عاجلاً أو آجلاً-.
* موقفُ العلماءِ من أفكاره:
اتَّخذ "عبد الله" مدينة "لاهور" -مدينة العلم- سنة ١٩٠٢ م مقرًّا دائمًا لإبلاغِ رسالته إلى المسلمين، ونَشْرِ أفكارِه بين الناس، بَيْدَ أنَّ مجلة "إشاعة السنة" كانت له بالمرصاد، إذ أسرعت إلى جَمْعِ أفكارِه وإجراءِ استفتاءٍ عامٍّ حولَها، ووضعَتْها على بِساطِ البحثِ في الأوساطِ العِلميَّة، بَعدَ عَرضٍ وجيزٍ لبعضِ أفكارِ "عبد الله" الانحرافية، وطالَبَت من علماءِ الدين وقادةِ فِكرِه بيانَ موقفِ الإِسلام من مِثل صاحبِ هذه الأفكار، وهل يَبقَى الرجلُ مُسلِمًا مع اعتناقِ هذه الأفكار؟ أو يَخرجُ من دائرةِ الإِسلام، ولا يَبقى له به صِلَةٌ؟!.
فأفتى بكُفرِ "عبد الله" جُلُّ علماءِ شِبهِ القارَّةِ الهندية في باكستان والهند وبنغلاديش، وفي نهاية سنة ١٩٠٢ م تولَّت "إشاعةُ السنة" نَشْرَ عَشَراتِ التوقيعاتِ لعلماءِ الدينِ الذين أفتَوا بكُفرِ "عبد الله" وخروجِه من بَوْتَقَةِ الإِسلام، وأنه مقطوعُ الصِّلَةِ عن الدين والمسلمين (١).
غيرَ أن "عبد الله" لَقِيَ مستمرًّا في دَعوتِه حتى اختَرَمَتْه المنيةُ، ولَقِيَ ربَّه عَزَّ وَجَلَّ عام ١٩١٤ في مدينة "مِبَانْوَالي" القريبة من "جكراله".
(١) انظر مجلة "إشاعة السُّنَّة" مجلد ١٩ ملحق ٧ (ص ٢١١).