للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فهؤلاء لَما تنقَّصوا النبيَّ - صلى الله عليه وسلم -، حيث عابوه والعلماءَ من أصحابه، واستهانوا بخبره، أخبَرَ الله أنهم كفروا بذلك، وإن قالوه استهزاءً، فكيف بما هو أغلَظُ من ذلك؟ وإنما لم يُقِم الحدَّ عليهم لكونِ جهادِ المنافقين لم يكن قد أُمِرَ به إذ ذاك، بل كان مأمورًا بأن يَدَعَ أذاهم؛ ولأنه كان له أن يعفوَ عمَّن تنقَّصه وآذاه (١).

* الدليل الثالث: قوله سبحانه: {وَمِنْهُمْ مَنْ يَلْمِزُكَ فِي الصَّدَقَاتِ} [التوبة: ٥٨].

واللمزُ: العيبُ والطعن (٢)، قال مجاهد: "يتَّهمُك يسألك يزْراك" (٣).

وقال عطاء: "يَغتَابُك".

* وقال تعالى: {وَمِنْهُمُ الَّذِينَ يُؤْذُونَ النَّبِيَّ} [التوبة: ٦١] الآية.

وذلك يدلُّ على أن كلَّ مَنْ لَمَزه أو آذاه كان منهم؛ لأنَّ {الَّذِينَ} و {وَمَن} اسمان موصولانِ، وهما مِن صِيَغ العموم، والآية وإن كانت


= هذه الرواية إلى أبي الشيخ وابن مردويه. وينظر: "تفسير القرطبي" (٨/ ١٩٦)، و" أسباب النزول" للواحدي (ص ٢٠٥)، و"لباب النقول" للسيوطي (ص ١١٩).
وأما رواية محمد بن كعب وزيد بن أسلم وقتادة. فهي معروفة لكن بغير هذا اللفظ وقد أخرجها ابن جرير الطبري (١٠/ ١٧٢)، وهي مرسلة. ينظر: "الصحيح المسند من أسباب النزول" للوادعي (ص ٧٧ - ٧٨)، و"الذهب المسبوك" للسندي (ص ١٤٤).
(١) قال الله تعالى: {فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ} [آل عمران: ١٥٩]، وقال تعالى: {فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاصْفَحْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ} [المائدة: ١٣].
(٢) انظر "تفسير الطبري" (١٠/ ١٥٥)، و"أحكام القرآن" لابن العربي (٢/ ٩٥٦)، و"تفسير ابن كثير" (٢/ ٣٦٣)، و "الدرّ المنثور" (٤/ ١٠/ ٢١٩).
(٣) زَرَى: عابه وعاتبه، والإزراء: التهاون بالشيء، انظر "اللسان" (٣/ ١٨٣٠) زرى.

<<  <  ج: ص:  >  >>