للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تزوجها، لِمَا رأى أنها مِن أزواج النبي - صلى الله عليه وسلم -، حتى ناظَرَه عمرُ أنها ليست من أزواجه، فكفَّ عنهما لذلك، فعُلم أنهم كانوا يَرَوْنَ قَتْلَ مَنِ استَحلَّ حُرمةَ رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم -.

° ولا يقال: "إن ذلك حدُّ الزنى؛ لأنَّها كانت تكونُ محرمةً عليه، ومَنْ تَزَوَّجَ ذاتَ مَحْرمٍ حُدَّ حَدَّ الزنى أو قُتل"؛ لوجهين:

أحدهما: أن حَدَّ الزنى الرجْمُ.

الثاني: أن ذلك الحدَّ يفتقر إلى ثبوت الوطْءِ ببيِّنةٍ أو إقرار، فلمَّا أراد تحريقَ البيتِ مع جوازِ ألاَّ يكونَ غَشِيَها، علم أن ذلك عقوبةٌ لِمَا انتَهكه من حُرمةِ رسول الله - صلى الله عليه وسلم -.

* الأدلة من السُّنَّة:

الحديث الأول: ما رواه الشَّعْبيُّ عن عليٍّ: "أن يهوديةً كانت تَشْتُم النبي - صلى الله عليه وسلم - وتَقَعُ فيه، فخَنَقها رجلٌ حتى ماتت، فأَبْطَل (١) رسولُ الله- صلى الله عليه وسلم - دمها".

هكذا رواه أبو داود في "سُنَنه" (٢)، وابنُ بَطَّة في "سننه"، وهو من جُملة ما استدلَّ به الإمامُ أحمدُ في روايةِ ابنه عبد الله، وقال: ثنا جرير عن مغيرة، عن الشَّعبيِّ قال: كان رجلٌ من المسلمين -أعني: أعمى- يأوِي إلى امرأةٍ يهودية، فكانت تُطْعِمُه وتُحسِنُ إليه، فكانت لا تزالُ تَشتمُ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم -


(١) أبْطل: أي: أهدر "لسان العرب" (١/ ٣٠٢) (بطل).
(٢) إسناده جيد: رواه أبو داود في "سننه" -كتاب الحدود- باب فيمن سبَّ النبي - صلى الله عليه وسلم - (٤/ ٥٣٠ ح ٤٣٦٢)، والبيهقي في "السنن الكبرى" (٧/ ٦٠) و (٩/ ٢٠٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>