للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

° ويدلُّ على ذلك أن النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - تزوَّجَ قَيْلَةَ بنتَ قَيْسِ بنِ مَعْدِي كرب -أختَ الأشعث-، ومات قبلَ أن يَدْخُل بها، وقبل أن تَقْدَمَ عليه (١)، وقيل: إنه خَيَّرها بين أن يضربَ عليها الحجابَ وتَحرُمَ على المؤمنين، وبين أن يُطَلقها فتنكحَ مَنْ شاءت، فاختارت النكاحِ، قالوا: فلما مات النبي - صلى الله عليه وسلم - تزوَّجها عِكْرِمةُ بنُ أبي جَهْل بحَضْرَمَوْت، فبلغ أبا بكر، فقال: "لقد هممتُ أن أحرقَ عليهما بيتَهما"، فقال عمرُ: "ما هي مِن أمهات المؤمنين، ولا دَخَل بها، ولا ضَرَبَ عليها الحجاب".

وقيل: إنها ارتَدَّتْ.

فاحتجَّ عمرُ على أبي بكر أنها ليست من أزواجِ النبي - صلى الله عليه وسلم - بارتدادها (٢).

° فوجهُ الدلالة: أن الصدِّيق - رضي الله عنه - عَزَم على تحريقها وتحريقِ مَنْ


(١) قال الحافظ في "الإصابة" (٨/ ١٧٤): أخرج أبو نعيم من طريق إسحاقَ بنِ إبراهيم بن حَبيب الشهيدي، عن عبد الأعلى، عن داود بن أبي هندٍ، عن عكرمة، عن ابن عباس: "أن النبي - صلى الله عليه وسلم - تزوَّج قَيلةَ أختَ الأشعث، ومات قبلَ أن يُخيِّرها"، قال الحافظ: "وهذا موصول قوي الإسناد".
(٢) رواه الطبري في "تفسيره" (٢٢/ ٤١) وعنه ابن كثير في "تفسيره" (٣/ ٥٠٦) عند تفسير قوله تعالى: {وَمَا كَانَ لَكُمْ أَنْ تُؤْذُوا رَسُولَ اللَّهِ وَلَا أَنْ تَنْكِحُوا أَزْوَاجَهُ مِنْ بَعْدِهِ أَبَدًا} [الأحزاب: ٥٣]. قال ابن جرير الطبري: "حدثنا محمد بن المثنى، قال: ثنا عبد الوهَّاب، قال: ثنا داودُ، عن عامر أن النبي - صلى الله عليه وسلم - مات وقد مَلَك قَيلةَ بنتَ الأشعث، فتزوَّجها عكرمةُ بنُ أبي جهل بعد ذلك، فشَقَّ على أبي بكر مشقةً شديدة، فقال له عمر: يا خليفةَ رسول الله، إنها ليست من نسائه، إنها لم يُخيِّرها رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - ولم يَحجُبْها، وقد برأَها منه بالردَّة التي ارتدَّت مع قومها، فاطمأن أبو بكر وسكن. ينظر: "طبقات ابن سعد" (٨/ ١٤٧)، "المستدرك" (٤/ ٣٨)، "أسد الغابة" (٧/ ٢٤٠)، "الإصابة" (٨/ ١٧٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>