عِدَّةُ جُثثٍ إلى ساحل "السَّلُّوم" مربوطًا بعضُها ببعض.
* طَردُ الليبيين من أرضِهم المُخصِبة لإِسكانِ الإِيطاليين مكانهم (١):
لقد كانت أراضي الجبل الأخضرِ من "بَرْقة" أجودَ أراضي طرابلس، ففيها العيونُ والمياهُ الجارية، والغابات الملتفَّة، والمروجُ المَريعة، فتوجَّهت أنظارُ الطلْيان إليها، وأرغموا أهلَها على هجرِها بطريقةٍ في غايةِ الوحشيةِ والقسوة.
لقد جَمع الطليانُ من سكانِ المنطقة ثمانين ألفَ نسمةٍ -رجالاً ونساءً وأطفالاً-، وساقُوهم إلى صحراء "سِرْت" في الأراضي الواقعةِ بين "بَرْقة وطرابلس" على مسافةِ عَشَرةِ أيام من أوطانهم الأصلية، وأنزلوهم في معاطِشَ ومجادِبَ لا يُمكنُ أن يعيشَ فيها بَشَرٌ ولا بقر، فمات قِسمٌ كبيرٌ منهم جوعًا وعطشًا، وماتت مواشيهم بأَسْرِها مِن فَقدِ الكلأِ والماء، فارتفعِ صُراخُ هؤلاء الأهالي، وراجعوا الحكومةَ الإيطاليةَ، وشَكَوا إليها موت ذراريِّهم وموتَ مواشيهم، فما زادها ذلك إلاَّ قسوةً ومَضاءً على عزيمتها، وزادت الطينَ بِلَّةً، فأخذت منهم الرجالَ الذين بلغوا حتى سنِّ الأربعين، وأدخلتهم في الجُندية، ثم عَمَدت إلى الأحداثِ من فوقِ أربع سنواتٍ وحتى سنِّ الثانيةَ عَشْرةَ سنةً، فأخذتهم قَهرًا من أحضانِ أمهاتهم، ودفعتهم إلى إيطاليا لأجلِ تربيتِهم وتَنشئتهم في النصرانية!.
على الرغم من الاحتجاجاتِ الكثيرةِ من أهالي البلاد المُهجَّرين، لم تَستجب الحكومةُ الإيطالية لإرجاع الأهالي إلى أراضيهم وديارهم، بل