للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْقَتْلِ}، فَيَدَعُونَ الحديث عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وتَغلِبُهم أهواؤهم إلى الرأي".

فإذا كان المخالِفُ عن أمره قد حُذِّر من الكفرِ والشرك، أو من العذابِ الأليم، دلَّ على أنه قد يكونُ مفضِيًا إلى الكفر أو إلى العذاب الأليم، ومعلومٌ أن إفضاءَه إلى العذاب هو مُجَرَّدُ فعل المعصية، فإفضاؤه إلى الكفر إنما هو لِمَا قد يَقترنُ به من استخفافٍ بحقِّ الآمر، كما فَعَلَ إبليس، فكيف بما هو أغلظُ مِن ذلك كالسبِّ والانتقاصِ ونحوه؟.

وهذا بابٌ واسع، مع أنه بحمدِ الله مُجْمَع عليه، لكن إذا تَعدَّدَتِ الدلالاتُ تعاضَدَتْ على غِلَظِ كُفرِ السابِّ وعِظَمِ عقوبته، وظَهَر أنَّ تركَ الاحترام للرسول وسُوءَ الأدبِ معه مما يُخاف معه الكفرُ المُحبِطُ، كان ذلك أبْلَغَ فيما قصدنا له.

ومما ينبغي أن يُتَفَطَنَ له أن لفظ "الأذى" في اللُّغة هو لِمَا خفَّ أمرُه وضعف أثرُه من الشرِّ والمكروه -ذَكَره الخطَّابي وغيره-، وهو كما قال (١)، فإن استقراء موارده يدلُّ على ذلك.

فعُلِم أن قليلَ ما يُؤذيه يكَفَّر به صاحبُه ويُحِلُّ دَمَه.

* الدليل الثامن: أن الله سبحانه قال: {وَمَا كانَ لَكُمْ أَن تؤْذوا رَسُولَ اللهِ وَلا أَن تَنكِحُوا أَزْوَاجَه مِنْ بَعْدِهِ أَبَدًا إِنَّ ذَلِكمْ كَانَ عِندَ اللهِ عَظِيمًا} [الأحزاب: ٥٣].

فحَرَّم على الأُمَّةِ أن تَنكِحَ أزواجَه من بعده؛ لأنَّ ذلك يُؤْذيه، وجَعَله


(١) انظر "تاج العروس" (١٠/ ١٣)، وفيه نقل قول الخطَّابي.

<<  <  ج: ص:  >  >>