إلى قومِه بالعربية، وأن القَسَّ الأستاذ رَغْمَ هذا كان حريصًا على التوارِي في الظلِّ خَلْفَ تلميذه، وأنَّ النبيَّ التلميذَ قد تَفوَّقَ على أستاذه، وعَمِل على أن تَجِئَ رسالتُه مناسبةً لظروفِ البيئة والمجتمع، وأنه ليس هناك في الحقيقة وَحْيٌ سَماوِيٌّ، بل مجردُ تلقينٍ بَشَريٍّ من القَسِّ للنبي، وأنَّ واقعة "غارٍ حراء" لم تكن إلَّا رؤيا في المنام لا حقيقةَ لها في الواقع، وأنَّ الوحيَ قد فَتَر مُدَّةً بعدَ وفاةِ ورقةَ، بما يدلُّ على أنه هو مَهدُ الوَحيِ لا السماءُ ولا جبريل، وأنه إلى جانبِ ورقةَ كان هناك خديجةُ وبَحيرا وأبو بكر.
كما أن الرهبانَ المذكورِين في كتاب "قَس ونبي" بصِفَتِهم أصحابَ دَورٍ مؤثِّرٍ في حياةِ محمدٍ هم هم الذين ذكرهم صاحب كتاب "فترة التكوين في حياة الصادق الأمين" كقَسِّ بن ساعِدة وبَحيرا وعَدَّاسٍ وغيرهم، والشيءُ الوحيد الذي يمكنُ أن يميِّزَ بين الكتابَينِ هو أنَّ الأخيرَ يُعطِي لخديجةَ دَورًا أكبرَ في توجيهِ محمدٍ وإعداده وتصنيعِه أكبرَ ممَّا يُعطيه إياها الكتابُ الأول، وبالمناسبة فكِلا الكاتبَينِ يؤكًّد أن ما أتى به هو شيءٌ جديد لم يَسبِقْه إليه سابق، وإن كان الحريريُّ يقول ذلك دون طَنطنةٍ أو ثرثرة.
* تشكيك وبراهين:
ويُشكِّكُ الكاتبُ في أن "خليل عبد الكريم" هو الذي ألَّف هذا الكتابَ على اعتبارِ أن ما فيه يَتشابهُ مع كتاب "قس ونبي"، مع اختلافِ بعضِ التفاصيل هنا وهناك، مما لا يؤثِّرُ في فِكرةِ الكتابين الرئيسية، ممَّا يَعني أن هناك جِهةً واحدةً وتبشيريةً فرنسيةً -حَسْبَ ما يرى المؤلف- وراءَ هذن الكتابين، وَزَّعَتِ الأدوار، بحيث يَبدُوانِ وكأنهما من تأليف شَخصين مختلفينِ يحاوِلانِ أن يُدخلَا في رُوعِ القارئِ المسلمِ أن محمدًا ما هو إلَّا