- وأما إذا كانت المقاطعة الاقتصاديةُ ستُوقعُ الضررَ بالكفار، لكنها في المقابل ستوقعُ ضررا بالمسلمين أيضًا؛ فهنا تعارضت مصلحةُ الإضرارِ بالكفار مع مَفسدةِ قوع الضررِ على المسلمين، فيُنظر: فإن كنت المفسدةُ على المسلمين غالبةً مُنعت المقاطعة، وإن كان المصلحةُ بمقاطعتهم غالبةً، كانت مأمورًا بها، وإن تساوت المصلحةُ والمفسدةُ، فدَرءُ المفاسد مقدَّمٌ على جلب المصالح.
- وأما إذا كانت المقاطعةُ الاقتصاديةُ لا مصلحةَ فيها من حيث الإضرارُ بالكفار، ولا مفسدةَ فيها على المسلمين؛ فلا حَرَج من القولِ باستحبابها؛ لأنها تكونُ من وسائل التعبيرِ عن السُّخطِ ضدَّ ممارساتِ الكفارِ العُدوانية، فلو لم يَنتج عن هذه المقاطعة إلاَّ التعبيرُ عن عقيدةِ الولاء بين أهل الإيمان والبراءةِ من أهل الشِّرك والكفران -والتعبيرُ كذلك عن إرادة الشعوب الإسلامية- لكفى، فهي على الأقل "تسجيل موقف للشعوب الإسلامية".
* دعوات وشعارات تساقطت:
لقد أظهرت هذه الأزمة حقائقَ كانت خافية على جَمٍّ غفيرٍ من الناس؛ فهؤلاءِ القومُ الذين ما فَتِئوا يدَّعون أن بلادَهم رمزٌ للحرية والديمقراطية، ويتشدَّقون باحترامِهم لجميع الأديان، أظهرت هذه الأزمةُ ما تَنطوي عليه قلوبُ هؤلاء المجرمين من الحِقدِ والكُرهِ للمسلمين، وإنْ تظاهروا في كثير من الأحيان أنهم مسالمون:{قَدْ بَدَتِ الْبَغْضَاءُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ وَمَا تُخْفِي صُدُورُهُمْ أَكْبَرُ}[آل عمران: ١١٨].
ومنها: انكشاف تزويرِ الغرب في معاييره؛ فهنا يحتجُّون بحريةِ الرأي