تحيَّة ودفاعٌ عن عرضه - صلى الله عليه وسلم - (١)
محمد بن عائض القرني
مَا بَالُ مَكَةَ قَدْ ضَجَتْ نَوَاحِيهَا؟ … وَدَمْعُ طَيبَةَ جَرِى مِنْ مَآقِيهَا؟
مَا للجَزِيرَةِ قَدْ مَادَتْ بِسَاكنِهَا؟ … فَاهْتَزَّ شَامخُهَا وَارْتَجَ وَادِيهَا!
مَاَ لِلعُرُوبَةِ وَالإِسْلام رَوَّعَهَا … خَطبٌ ألَمَّ وظُلمٌ مِنْ أعَادِيهَا؟
أيَسْخَرُونَ مِن الهَادِي الَّذِى شَرُفَتْ … بِهِ البَرِيَّةُ قاصِيَهَا ودَانِيهَا؟!
أيَسْخَرُونَ مِنَ الأنْوارِ قَدْ كشَفَتْ … مَجَاهِلَ الظُّلم فَانْزَاحَتْ غَواشِيهَا
أيَسْخَرُونَ مِنَ المَجْدِ الَّذِي خَضَعَتْ … لَهُ الجَبَابِرُ حَتَّى ذَلَّ طَاغِيهَا
أيَهْزَؤُونَ بهِ؟ شُلَّتْ أكفهمُ … وَدَمَّرَ اللهُ مَا تَجْني، وَجَانِيهَا
أعْدَاءُ كُلّ نَبِي جَاءَ يُنْقِذُهُمْ … مِنَ الضَّلَالَةِ لَمَّا أُرْكسُوا فِيهَا
مُحَمَّدٌ خَيرُ مَنْ سارتْ به قَدَمٌ … وَأكْرمُ النَّاسِ مَاضِيهَا وَباقِيهَا
أوْفَى الخَلِيقَةِ إِيمَانًا وأكمَلُهَاُ … دِينًا وأَرْجَحُهَا فِي وَزْنِ بَارِيهَا
مَنْ مِثْلُهُ فِي الوَرَى بِرًّا وَمَرْحَمَة؟ … وَمَنْ يُشَابهُهُ لُطفًا وَتَوْجِيهَا؟
جَاءَتْ رِسَالَتُهُ لِلنَّاس خَاتِمَةً … وَجَاءَ بالنّعْمَةِ المُسْدَاةِ يَهْدِيهَا
أحْيَا الحَنِيفِيَّةَ الغَرَّاءَ مُتَّبعًا … نَهجَ الخَلِيلِ وَلَمْ يُخْطِئْ مَرَامِيهَا
وَسَارَ فِي كنَف الرحمَنِ يَكَلَؤُهُ … إلَى الحِسَانِ مِنَ الأخْلَاقِ يَبْنِيهَا
هوَ البَشِيرُ لَمِنْ أصْغَى لِدَعْوَتِهِ … هُوَ النَّذِيرُ لِمَغْرُورٍ يُعَادِيهَا
(١) مجلة "البيان" - العدد (٢٢٢) - (ص ٥٨).