للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

° وقولهم: {هُوَ أُذُنٌ} قالوه لِيُبيِّنوا أن كلامَهم مقبولٌ عنده، فأخبَرَ اللهُ أنه لا يُصدِّقُ إلاَّ المؤمنين، وإنما يَسمعُ الخَبَرَ، فإذا حَلَفوا له فعفا عنهم، كان ذلك لأنه أُذُنُ خير، لا لأنه صدَّقهم.

° قال سفيانُ بن عُيَيْنَة:"أُذُنُ خيرٍ يَقبلُ منكم ما أظهرتُم مِن الخير ومِن القول، ولا يؤاخِذُكم بما في قلوبِكم، ويَدَعُ سرائرَكم إلى الله وربما تَضَمَّنت هذه الكلمةُ نوعَ استهزاءٍ واستخفاف".

* الدليل الثاني: قوله سبحانه: {يَحْذَرُ الْمُنَافِقُونَ أَنْ تُنَزَّلَ عَلَيْهِمْ سُورَةٌ تُنَبِّئُهُمْ بِمَا فِي قُلُوبِهِمْ قُلِ اسْتَهْزِئُوا إِنَّ اللَّهَ مُخْرِجٌ مَا تَحْذَرُونَ (٦٤) وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ قُلْ أَبِاللَّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنْتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ (٦٥) لَا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ إِنْ نَعْفُ عَنْ طَائِفَةٍ مِنْكُمْ نُعَذِّبْ طَائِفَةً بِأَنَّهُمْ كَانُوا مُجْرِمِينَ} [التوبة: ٦٤ - ٦٦].

وهذا نصٌّ في أن الاستهزاءَ بالله وبآياتِه وبرسولِه كفر، فالسبُّ المقصودُ بطريق الأَوْلى.

وقد دلَّتْ هذه الآيةُ على أنَّ كلَّ مَنْ تنقَّصَ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - جادًّا أو هازلاً فقد كفر.

° وقد رُوي عن رجالٍ من أهل العلم -منهم ابنُ عمرَ ومحمدُ بنُ كعبٍ وزيدُ بنُ أسلمَ وقَتَادة- دخل حديثُ بعضِهم في بعض، أنه قال رجل من المنافقين (١) في غزوةِ تبوك: "ما رأيت مثل قُرَّائِنا هؤلاء أرغبَ بطونًا، ولا أكذبَ ألْسُنًا، ولا أجْبَنَ عند اللقاء، يعني رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - وأصحابَه القُرَّاء،


(١) يقال له: مُخَشِّن بن حُمَيْر: رجل من بني أشجع حليفٌ لبني سلمة (حليف الأنصار)، قاله ابن إسحاق، وقال ابن هشام (٤/ ٥٢٤): "ويقال: مَخْشِيٌّ"، وقال خليفة بن =

<<  <  ج: ص:  >  >>