للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

التي تَغَلَّظَت بالتكرار، وشُرع القتلُ في جنسِها، ولهذا أفتَى أكثرُهم بقَتلِ مَنْ أكثر مِن سبِّ النبي - صلى الله عليه وسلم - مِن أهل الذمة وإن أسْلَم بعدَ أخْذِه، وقالوا: "يُقتل سياسةً"، وهذا متوجهٌ على أصولهم" اهـ. من"الصارم المسلول" (١).

* الأدلةُ على انتقاضِ عهدِ الذمِّي السَّابِّ:

° قال شيخُ الإِسلام ابن تيمية: "والدلالةُ على انتقاضِ عهد الذميِّ بسبِّ اللهِ أو كتابهِ أو دينهِ أو رسولهِ، ووجوبِ قتلهِ وقتلِ المسلم إذا أتى ذلك: الكتابُ، والسُّنة، وإجماعُ الصحابةِ والتابعين، والاعتبارُ.

أما الكتابُ: فيُستنبط ذلك منه من مواضع:

أحدها: قولُه تعالى: {قَاتِلُوا الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَا بِالْيَوْمِ الْآخِرِ} إلى قوله {مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ} [التوبة: ٢٩].

فأمَرَنا بقتالهم إلى أن يُعْطُوا الجزيةَ وهم صاغرون، فلا يجوزُ الإمساكُ عن قتالهم إلاَّ إذا كانوا صاغِرين حالَ إعطائهم الجِزيةَ، ومعلومٌ أن إعطاءَ الجزيةِ من حينِ بَذْلِها والتزامَها إلى حين تسليمِها وإقباضها، فإنهم إذا بذلوا الجزيةَ شَرَعُوا في الإعطاء، ووجب الكفُّ عنهم إلى أن يُقْبِضُونَاهَا فيتمُّ الإعطاءُ؛ فمتى لم يلتزموها أو التزموها أولًا وامتنعوا من تسليمها ثانيًا لم يكونوا مُعطِينَ للجزية؛ لأن حقيقةَ الإِعطاءِ لَم تُوجد، وإذا كان الصَّغَارُ حالاًّ عليهم في جميع المُدَّة، فمِن العلوم أن مَن أظهَرَ سَبَّ نبيِّنا في وجوهِنا وشَتَمَ ربَّنَا على رؤوسِ المَلأ منَّا وطَعَنَ في ديننا في مجامعِنا فليس بصاغرِ؛


(١) انظر "الصارم المسلول على شاتم الرسول" (٢/ ١٣ - ٣٢) - دار ابن حزم.

<<  <  ج: ص:  >  >>