في الصلاة"، وآخَرُ يقول: "قالها في نادي قومه حين أنزلت عليه السورة"، وآخر يقول: "قالها وقد أصابته سِنَةٌ"، وآخَرُ يقول: "بل حدَّثَ نفسَه فسها"، وآخَرُ يقول: "إنَّ الشيطانَ قالها على لسانه، وإن النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - لَمَّا عَرَضها على جبريل قال: ما هكذا أقرأتك؟! "، وآخَرُ يقول: "بل أعلَمَهمُ الشيطانُ أن النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - قرأها، فلما بَلَغَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - ذلك، قال: واللهِ ما هكذا أُنزلت" .. إلى غيرِ ذلك من اختلافِ الرواة، ومَن حُكيت هذه الحكايةُ عنه منَ المفسِّرين والتابعين لم يُسْنِدْها أحدٌ منهم، ولا رَفَعها إلى صاحبٍ، وأكثرُ الطُرقِ عنهم فيها ضعيفةٌ واهية، والمرفوعُ فيه حديثُ شُعبةَ، عن أبي بِشرٍ، عن سعيدِ بنِ جُبير، عن ابن عباسٍ فيما أحسب -الشك في الحديث- أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان بمكة، وذكر القصة.
وقال أبو بكر البزَّار: "هذا الحديثُ لا نَعلمُه يُروى عن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - بإسناد متَّصلٍ يَجوزُ ذِكرُه إلَّا هذا، ولم يُسنِدْه عن شُعبةَ إلَّا أُميَّةُ بنُ خالد، وغيرُه يُرسِلُه عن سعيدِ بنِ جبير، وإنما يُعرَفُ عن الكَلبيِّ، عن أبي صالح، عن ابن عباس".
فقد بيَّن لك أبو بكر - رحمه الله - أنه لا يُعرَفُ من طريقٍ يجوزُ ذِكرُه سوى هذا، وفيه من الضعفِ ما نبَّه عليه مع وقوعِ الشكِّ فيه -كما ذكرناه- الذي لا يوثَقُ به، ولا حقيقةَ معه.
وأما حديثُ الكَلبيِّ، فمما لا تَجوزُ الروايةُ عنه ولا ذِكرُه، لقوَّةِ ضَعفِه وكَذِبِه -كما أشار إليه البزَّار-، والذي منه في "الصحيح" "أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قرأ:"والنجم" وهو بمكةَ، فسَجَد معه المسلمون والمشركون والجنُّ والإنس" .. هذا توهينُه من طريق النقل.