للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

واستهزأ برسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فقتله اللهُ بعد قليل، ومَزَّق مُلكَه كل ممزَّق، ولم يبقَ للأكاسرة مُلكٌ، وهذا -والله أعلم- تحقيقُ قوله تعالى: {إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَرُ} [الكوثر: ٣].

فكلُّ من شَنَأه وأبغَضَه وعاداه، فإن الله تعالى يقطعُ دابرَه، ويَمحقُ عينَه وأثَره، وقد قيل: إنها نزلت في العاصِ بنِ وائل، أو في عقبةَ بنِ أبي مُعيط، أو في كعب بن الأشرف، وقد رأيتَ صنيعَ الله بهم (١).

ومن الكلام السائر: "لحومُ العلماء مسمومة" .. فكيف بلحوم الأنبياء عليهم السلام.

• وفي "الصحيح" عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال:" يَقُولُ الله تَعَالَى: مَنْ عَادَى لِي وَلِيًا فَقَدْ بَارَزَنِي بِالمُحَارَبَةِ" (٢).

فكيف بمَن عَادى الأنبياء؟ ومن حارَبَ اللهَ حُرِبَ، وإذا استَقريتَ قَصَصَ الأنبياءِ المذكورةَ في القرآن تجدُ أُممهم إنما أُهلكوا حين آذَوا الأنبياء وقابلوهم بقبيحِ القول أو العمل، وهكذا بنُو إسرائيل إنما ضُربت عليهم الذِّلَّة، وباؤوا بغضبٍ من الله، ولم يكن لهم نصيرٌ لقتلهم الأنبياءَ بغيرِ حقٍّ مضمومًا إلى كُفرهم، كما ذَكر اللهُ ذلك في كتابه، ولعلَّك لا تَجِدُ أحدًا آذى نبيًّا من الأنبياء، ثم لم يَتُبْ إلاَّ ولابد أن يُصيبَه اللهُ بقارعةٍ، وقد ذكرنا ما جرَّبه المسلمون من تعجيلِ الانتقام من الكفارِ إذا تعرَّضوا لسبِّ


(١) انظر "تفسير الطبري" (٣٠/ ٣٢٩)، و"تفسير ابن كثير" (٤/ ٥٥٩).
(٢) جزء من حديث رواه البخاري في "صحيحه" كتاب الرِّقاق- باب التواضع (١١/ ٣٤٨ ح ٦٥٠٢) عن أبي هريرة - رضي الله عنه -، وفيه عبارة: "فقد آذنته بالحرب"، وقد انفرد البخاري بإخراجه في "صحيحه".

<<  <  ج: ص:  >  >>