للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وليس "ألستُ" (١) الأمسِ غَيْرًا لمن غَدَا … وجنحِي غَدًا صُبْحي ويَومي ليلتي

وسِرُّ "بلى" للَّهِ مِرآةُ كشفِها … وإثباتُ معنَى الجمعِ نَفْيُ المعيَّةِ (٢)

ظهورُ صِفاتي عن أسامى جَوارحي … مجازًا بها للحُكمِ نفسي تَسَمَّتِ

رُقومُ علومٍ في سُتورِ هياكلٍ … على ما وراءَ الحسِّ في النَفْسِ وَرتِ

وأسماءُ ذاتِي عن صفاتِ جوانحي … جَوازَ الأسرارِ بها الرُّوحُ سَرتِ

مظاهرُ لي بَدَوتُ فيها ولَم أكن … عَلَيَّ بخافٍ قَبْلَ موطنِ بَرْزَتي

وَلما شَعَبْتُ الصَّدع، والتامَتْ فطَو … رُ شملٍ بفَرقِ الوصف غيرُ مشتَّتِ (٣)

تحقَّقتُ أنَّا في الحقيقةِ واحدٌ … وأَثْبَتَ صحوُ الجَمعِ محوَ التَّشَتتِ (٤)


= أوهامُه، تلك هي أن الوجود حقيقةٌ واحدة، وأن الخالقَ عينُ الخلق!!! هذا دين سلطانِ العاشقين -كما يُسمُّونه-.
(١) يعني قولَه سبحانه: {أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى} ويريدُ بالغد في هذا البيت "يوم القيامة" في عُرف الشرع.
(٢) يشيرُ بـ "بلى" في قوله: "وسر بلى" إلخ إلى قوله سبحانه: {أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى}: الجوابُ بـ "بلى" يستلزم وجودَ سائلٍ ومُجيب، أعني يستلزمُ الإثنيية، بيدَ أن ابنَ الفارض يدَّعي هنا أن السائلَ عينُ المجيب، وهذا في قوله: "وإثبات معنى الجمع نفي المعية".
(٣) [انظر الهامش التالي]:
(٤) يقول: لَمَّا جَمعتُ ما تفرَّق في الوجود، مِن صفاتٍ وأسماءٍ وأفعال، تيقنتُ أن كلَّ شيءٍ هو عينُ الذاتِ الإلهية، وأن الوجودَ عينُ وجوده، ثم ينتقلُ إلى نفسه، فيقرِّرُ أنه آمَنَ عن بينةٍ، ويقظةِ بصيرة: أنه هو الله ذاتًا وصفةً واسمًا وفعلاً، ومشاعرَ وجوارح!.
وهكذا يؤكِّدُ ما قررتُه من قبلُ، وهو أن ابنَ الفارض ممن يَدينون بالوحدة، لا بالاتحاد، ألا تراه يكررُ دائمًا أنه آمَنَ عن يقينٍ أنه ما كان في حالٍ ما، ولا زمانٍ ما غيرٌ ولا سوى! =

<<  <  ج: ص:  >  >>