٤٠]، وفي الحديث:"وخُتم بي النبيون"، إذ في هذه النصوص أن الرسولَ - صلى الله عليه وسلم - خاتمُ النبيين، والنبوَّةُ أعم من الرسالة، ونفيُها نَفي لها وللرسالة ..
ولهذا فالنصوص الشرعيةُ لا تتركُ مَنفذًا لدعوى نبوةٍ جديدة أو رسالةٍ جديدة .. أما ابنُ عربي، فلا يَنفي النبوةَ، وإنما ينفي الرسالة، فيبقى احتمالُ وجودِ النبوة، وهذا ما أراده هو بهذه العبارة، وذلك ليتسنَّى له فيما بعدُ أن يدَّعيَ بقاءَ النبوة -وقد فعل-، حيث زَعَم بقاءَ النبوة العامة.
ثانيًا: تقييدُه نصَّ الحديث النبوي: "لا نبيَّ بعدي" بنفي النبوةِ التشريعية تقييدٌ باطل، وذلك أن نفيَ النبوة -كما رأينا من قبلُ مِرارًا- أعمُّ من نفي الرسالة، والذي يتلقَّى النبوةَ قد يؤمرُ بتبليغ ما أُوحى إليه من تشريعٍ أو غيره، فيصبح نبيًّا رسولاً، وقد لا يؤمرُ بذلك، فيكون نبيًّا فقط، والنصوصُ الشرعية قد نَفَت كِلتا الحالتين، وذلك بنفي الأعمِّ -وهو النبوةَ- وانتفاءُ النبوة يعني انقطاعَ الوحي، وهذه هي عقيدةُ الأمة الإسلامية من عهدِ - رضي الله عنهم - ولما قيل لابن عمر:"إن المختار يزعمُ أنه يوحَى إليه. قال: صدق: {وَإِنَّ الشَّيَاطِينَ لَيُوحُونَ إِلَى أَوْلِيَائِهِمْ لِيُجَادِلُوكُمْ وَإِنْ أَطَعْتُمُوهُمْ إِنَّكُمْ لَمُشْرِكُونَ}[الأنعام: ١٢١] "، فهو يَرى أن الوحيَ الربَّانيَّ قد انقطع، وإنما هو الوحيُ الشيطانيُّ .. ولو لم يكن كذلك لَمَا سارعَ بذلك الرد.
ثالثًا: قولُ ابن عربي: "إن حديث: "لا نبيَّ بعدي"، قد قَصَم ظهورَ الأولياء"، يكشفُ لنا عن موقفِ أولياء الصوفية من النصوص الشرعية، وهو موقفٌ لا يتفقُ مع الولايةِ الصحيحة .. وإلاَّ فأيُّ ولايةٍ تلك التي لا تَرضى ما قَضَى الله به -عزَّ وجلَّ-؟ واللهُ يقول: {وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ