للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الأكثر ثمنًا وقيمةً، وهذا هو كلامُه بعد ذِكر الحديث ورؤية النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - لها، قال: "والولي يراها مَوضعَ لبنتينِ! لبنةَ فضةٍ -وهو النبيُّ صلى الله عليه وسلم -، وأخرى ذهب -وهو الوليُّ-" (١).

° ولذلك فالوليُّ مستقلٌّ في الشريعة وإن كان يبدو "أنه تابعٌ لشرعِ خاتمِ الرسل في الظاهر" (٢)؛ لأنه -بناءً على تلك النظرةِ السابقة- أعلى مكانًا من الرسل وأصحُّ عِلمًا منهم، وإنْ بدا للناس أن متَّبعٌ للشرع ظاهرًا، فالصحيحُ أنه "أخذ عن الله في السرِّ ما هو بالصورة الظاهرة متَّبعٌ فيه" (٣).

وهكذا ينتهي ابن عربي في تدرُّجه ذلك إلى "الخروج على عقيدةِ ختم النبوة" التي قَرَّرها اللهُ -عزَّ وجلَّ- ورسوله - صلى الله عليه وسلم -، وأجمعت الأمةُ عليها، ثم لا يكتفي بذلك الخروج فقط، بل ويَصِل به الأمرُ إلى أنْ جَعَل الأولياءَ يستدركون على الأنبياء، ويصحِّحون علومَهم؛ لأن رؤيةَ الأولياء هي المطابِقَة للواقع الذي خَفِيَ على الرسل؛ وذلك لأنَّ الأولياءَ يتلقَّون العلومَ تلقِّيًا مباشرًا .. أما الأنبياء، فيأتيهم بالعلوم وُسطاءُ بينهم وبين اللوح المحفوظ .. ولذلك، فإنَّ الوليَّ -وإنْ بدا أنه متبعٌ في الظاهر للرسول صلى الله عليه وسلم -، فهو في الحقيقة مستقِلٌّ في التشريع لاستقلالِه في تلقِّي العلوم .. وأما المتابعة، فإنما هي للعوامِّ الذين لم يَبلُغوا ذلك، فيكفيهم تلك الظواهرُ التي أخذوها عن الأموات، ومرةً أخرى ندرك معنى "أخذتم علمَكم ميتًا عن


(١) "الفصوص" (ص ٦٣).
(٢) "الفصوص" (ص ١٦٣).
(٣) "الفصوص" (ص ١٦٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>