للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

° ثم يدَّعي أنهَ مصدرُ عِلم الرسل، وأنهم لا يقتبسونه "إلاَّ من مشكاة خاتمِ الأولياء" (١)؛ وذلك لأنه أخذ عِلمَه "من المعدنِ الذي يأخد منه المَلَكُ الذي يوحَى به إلى الرسل" (٢).

ولذلك فإن الوليَّ بَلَغ درجةً من العلم الصحيح دونه كلُّ الرسل، بل حتى خاتمُ الرسل محمدٌ - صلى الله عليه وسلم -؛ لأن الوليَّ يَرى العلومَ على صُورتها الصحيحة كما هي في عِلم الله، أما الرسلُ، فقد يَرَون الظواهرَ ولا يَصِلُون إلى بواطنِ الأمور، حتى لو كان ذلك سيِّدَ البشر - صلى الله عليه وسلم -!! .. وذلك يتضح بما يأتي:

• قال - صلى الله عليه وسلم -: "مَثَلي ومَثَلُ الأنبياء قَبْلي كَمَثلِ رجلٍ بني بيتًا، فأحسَنه وأَجمَله إلا موضعَ لَبِنة من زاوبة، فَجعَل الناسُ يَطوفون به ويتعجَّبون له، ويقولون: هلاَّ وُضِعَتْ هًذه اللبنةُ! قال: فأنا اللبنةُ، وأنا خاتمُ النبيين" (٣).

فهو يُقرِّرُ في هذا الحديثِ أن الدارَ التي مَثل بها كَمُل بناؤها، ولم يَبْقَ فيها إلا موضعٌ واحدٌ فقط لا يتَّسعُ إلاَّ للبنةٍ واحدة، ثم كان - صلى الله عليه وسلم - هو تلك اللبنةَ.

° وابنُ عربي يرى أن تلك الرؤيةَ منه - صلى الله عليه وسلم - رؤيةٌ ناقصة -وحاشاه صلى الله عليه وسلم -، وأن الواقع أن الدارَ بَقِيَ فيها موضعُ لبنتينِ: إحداهما فضة، والأخرى ذهب .. والرسول هو اللبِنة الأقل ثمنا وقيمةً، والوليُّ هو اللبنةُ


(١) "الفصوص" (ص ٦٢).
(٢) السابق (ص ٦٣).
(٣) رواه البخاري ومسلم وأحمد والحميدي.

<<  <  ج: ص:  >  >>