° ومعروفٌ أن جماعةً ارتدُّوا على عهدِ النبي - صلى الله عليه وسلم - ثم دُعُوا إلى التوبة، وعُرِضت عليهم، حتى تابوا وقُبلت توبتهم.
° وفي ذلك دليلٌ على أن جُرمَ الطاعنِ على الرسولِ - صلى الله عليه وسلم - السابِّ له أعظمُ من جُرمِ المرتد.
° ثم إن إباحةَ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - دَمَه بعد مجيئه تائبًا مسلمًا وقوله:"هَلاَّ قَتَلُتُمُوه"، ثم عَفْوه عنه بعد ذلك، دليل على أن النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - كان له أن يقتلَه وأن يعفوَ عنه ويَعصِمَ دمَه، وهو دليلٌ على أن له - صلى الله عليه وسلم - أنه يقتلَ مَن سَبَّه وإنْ تابَ وعادَ إلى الإسلام.
يوضحُ ذلك أشياء:
منها: أنه قد رُوي عن عكرمةَ أن ابنَ أبي سَرحٍ رَجَع إلى الإسلام قبلَ فتح مكة، وكذلك ذَكر آخرون أن ابنَ أبي سرحٍ رَجَع إلى الإسلام قبلَ فتحِ مكةَّ إذ نَزَل النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - بها، وقد تقدَّم عنه أنه قال لعثمانَ قبل أن يَقْدَمَ به على النبي - صلى الله عليه وسلم -: "إن جُرمي أعظمُ الجرم، وقد جئتُ تائبًا"، وتوبةُ المرتدِّ إسلامه.
ثم إنَّه جاء إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - بعد الفتح وهُدوءِ الناس وبعدما تاب، فأراد النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -من المسلمين أن يقتلوه حينئذٍ، وتَربَّصَ زمانًا ينتظرُ فيه قتلَه، ويظنُّ أن بعضَهم سيقتلُه، وهذا أوضحُ دليلٍ عِلى جوازِ قتلِه بعد إسلامه.
وكذلك لَمَّا قال له عثمانُ: إنه يفِرُّ منك كلَّما رآك، قال:"أَلَمْ أُبَايِعْهُ وَأُومِنْهُ؟! " قال: بلى، ولكنه يتذكرُ عظيمَ جُرمِه في الإسلام، فقالَ:"الإسلَامُ يَجُبُّ مَا قَبْلَهُ".
فبيَّن النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - أن خوفَ القتل سَقط بالبيعة والأمان، وأن الإثمَ زال