وهي سَنة ثمانِ من الهجرة سَنَة الفتح الأكبر الذي عمَّ العِلمُ فيه بأن الشانئَ هو الأبتر، وإذا اعتَبَرْتَ خروفَها المتلفَّظَ بها كانت أربعةَ وأربعين حَرْفًا، فإذا ناظَرْتها بالسِّنين مِن أولِ حينِ النبوة كان آخِرها سنةَ إحدى وثلاثين من الهجرة، وهي سنة البتر الأعظم لشانئِهِ الأكبر الذي مَزَّق كتابه، وكان مالِكًا لبلاد اليمن، وهو قَدْرٌ كبيرٌ من بلاد العرب، وكذا لغيرهم مما قارَبَ بلاده، وكانت قريشٌ تجعلُه مِن عدادهم، وهو كسرى ملك الفرس، ففيها كان انقراضُ فلكِهم بقتل آخِرِ ملوكِهم "يزدَجِرْد"، كما أنك إذا اعتبرت كلماتِها الخطيةَ مع الضمائر البارزة التي هي كلماتٌ اصطلاحية -دون ما استُتر- فإنَّ وجوبَ استتارِه مَنع من عَدِّهِ كانت تسْعَ عشْرةَ كلمة، فإذا اعَتَبْرت بها ما بعد الهجرة وازَتْ وقتَ موتِ "قيصَر" طاغية الروم في سنةِ تِسْعَ عشْرَة من الهجرة أهلكه الله، وقد تجهَّز إلى قتال العرب بالإسكندرية بنفسه، وأمر ألاَّ يتخلَّف عنه أحدٌ من الروم فكَسَر الله بموته شوكةَ الروم، واستأسدت العربُ عند ذلك، فكانت الأحرُفُ مشيرة إلى بتر الشانئ من الفرس، والكلماتُ مشيرةً إلى بتر الشانئ من الروم، والفرس أولى بإشارةِ الأحرف لأنهم ليسوا بذَوِي عِلم، والروم بالكلمات لأنهم أهلُ علم، والكلماتُ أقربُ إلى العلم، وإذا اعتَبَرْت أحرفَ البسملة اللفظيةَ كانت ثمانيةَ عَشَر حرفًا، فإذا جعلتها سِنين من أول النبوة كان آخرُها سنةَ خمس من الهجرة، وفيها كانت غزوة "الأحزاب"، قال النبي - صلى الله عليه وسلم - بعد إنصرافهم منها-: "الآن نغزوهم، لا يغزونا"، فهو أولُ أخذِ الشانئِ في الانبتار، وإذا اعتبرتَ الأحرفَ بحسبِ الرسم كانت تسعةَ عشَرَ آخرُها سنةَ ستٍّ، هي عُمرةُ الحديبية سنةَ الفتح السّبَبي، وهو الصّلحُ الذي نزلت فيه سورةُ "الفتح" وسماه الله فتحًا، وقال